فأل موردوخ!

TT

لم يعد روبرت موردوخ، صاحب الإمبراطورية الإعلامية الشهيرة، يواصل رهانه على الصحافة المطبوعة «الورقية»، بعد أن بلغت خسائره نحو 2،5 مليار دولار، فانضم إلى كتيبة المتشائمين بمستقبل هذا النوع من الصحافة، متوقعا أن  كافة الصحف المطبوعة ستتوقف تماما عن الصدور خلال العقد المقبل. أعرف أن هذه التوقعات المتشائمة ليست بالحتمية أن تكون دقيقة جدا، وأعرف أن بعض أصحاب العادات القرائية الورقية سيقولون اللحظة: «فأل الله ولا فأل موردوخ»، ولكن لا أحد يمكنه أن ينكر حجم التحديات التي تواجهها الصحافة الورقية في ظل الأزمة الاقتصادية، وتراجع الدخل الإعلاني، وكلفة أسعار الورق، والضربات المتلاحقة التي تتلقاها من الصحافة الإلكترونية، التي عصفت بعدد من الصحف في أميركا، وأوروبا، وامتدت تأثيراتها إلى إحدى الصحف اللبنانية الكبرى.

  وتعتبر المجلات المطبوعة أول المتضررين بهذه المتغيرات، فسرعة الزمن لم تعد تسمح بالإيقاع البطيء للمجلات التي تقول لك: «حدث قبل أسبوع»، في زمن تقول لك الصحافة الإلكترونية: «حدث الآن»، وإن كان يمكن استثناء بعض المجلات المتخصصة ذات المنهجية المهنية المتطورة جدا.

ويبقى السؤال هل صحافتنا العربية المطبوعة في معزل عما يحدث لغيرها من الصحافة الورقية حول العالم؟ أغلب الظن أن الأزمة ستطالنا كما طالتهم، مع مراعاة فارق التوقيت، ولن يصمد في مواجهة الإعصار لفترة أطول سوى الصحف ذات الإمكانات الكبيرة، والمهنية العالية، والمنهجية الخاصة، القادرة على التكيف مع متغيرات الزمن، وترسيخ حضورها الإلكتروني لمقابلة الهجرة المحتملة للإعلان من رحاب الورق إلى فضاءات الإنترنت، حيث ستواصل هذه الصحف المحافظة على تقدمها وتميزها، وحضورها الإعلامي.

في يوم ما هال أديب إيطاليا الكبير بيراندللو سرعة التغيرات التي شهدها زمنه، فصاح من حيرته قائلا: «إنه لأمر يدير الرؤوس»، فهل سيجد الصحافيون أنفسهم يفعلون ما فعله بيراندللو، وهم يرون التطورات المتلاحقة التي تشهدها مهنتهم الصحافية ليقولوا مثل ما قال بيراندللو: «إنه لأمر يدير الرؤوس».

[email protected]