لسادس مرة: توفيق الحكيم!

TT

أصبحت رئيسا لتحرير مجلة «أكتوبر» التي أنشأتها. وقد نشرت لنجيب محفوظ ملحمته الرائعة «الحرافيش»، وطلبت من توفيق الحكيم أن يكتب في مجلة «أكتوبر»، فوافق وطالب أن أمهله بعض الوقت..

وفي لقاء بوزير الثقافة منصور حسن قابلت الحكيم. وقلت له: أين المقال؟ قال: في جيبي. قلت: هات. قال: الفلوس.

ووضعت يدي في جيبي وأخرجت ما عندي فوجدته لا يكفي وكانت تجلس إلى جواري الفنانة الكبيرة سميحة أيوب. قلت لها: سميحة هاتي خمسين جنيها فقالت: معي ثلاثون.

والتفت إلى الجانب الآخر فوجدت شيخ الأزهر: عاوز عشرين جنيه يا مولانا..

قال: متى؟ قلت: الآن..

والآن أنا دفعت خمسين جنيها وسميحة أيوب ثلاثين وشيخ الأزهر عشرين وأعطيت الفلوس للحكيم. فوضعها في جيبه وأخرج من الجيب الآخر أول مقال لنشره في مجلة «أكتوبر»..

وأسعدني ذلك. ونشرت حفاوتي بتوفيق الحكيم. وكان مقال الحكيم ردا على رسائل جاءته من القراء. إنه توفيق. فليكتب ما يشاء. وبعد ثلاثة مقالات طلب مني توفيق الحكيم أن يتوقف تماما عن الكتابة قائلا: أنت تنشر الروائع عن العقاد وأنا أنشر هذا الكلام الفارغ.. لأ.

وكنت أنشر «في صالون العقاد كانت لنا أيام»، وكانت هذه السلسلة مثار كثير من الكلام.. إنها إنعاش للفكر وتصوير للعقاد كما لم يفعل أحد.. العقاد معنا وضدنا وفي زماننا.

كان توفيق أحس أنني أردت إحراجه.. أو التقليل من شأنه وأن أحرجه أمام القراء، فأنشر له ردودا لا مقالا.. وفي نفس الوقت أكتب عن العقاد وعن جيلنا وزماننا وزمانه.. هل غضب مني توفيق الحكيم؟.. لا أعرف. ولم يعد يطلبني في التليفون: تعال نتناقش..

لقد توقف توفيق الحكيم وراح يقرأ «في صالون العقاد» ويندهش، وقال لي في آخر مكالمة: ليس لي تلامذة مثلك. ما أسعد العقاد بك!