لرابع مرة: طه حسين!

TT

الله.. الله على الذي قاله طه حسين. لم يشتم العقاد وإنما قال لنا: إن العقاد عصبي مزاجه حاد. وشكواه من المصران الغليظ نتيجة لحالته العصبية. والعقاد لم يكن أستاذا جامعيا حوله المئات من الطلبة.. وإن كان العقاد يحتقر الأستاذ الجامعي والجامعة. ولما قيل للعقاد إنهم سيعطونه الدكتوراه الفخرية قال: ومن الذي يستطيع أن يمتحن العقاد. والدكتوراه الفخرية ليس لها امتحان.. إنها هدية من الجامعة أو من أية هيئة علمية. ولكنه لا يعرف. ولم يشأ أن يسأل فهو لا يرى أحدا أعلم منه. ونحن في المجمع اللغوي نناقش معاني الكلمات ودلالتها. وأذكر مناقشة بين العقاد ومنصور باشا فهمي عن الزمن والزمان والدهر والأبدية والسرمدية. ومنصور باشا فهمي رجل لطيف ومهذب ورقيق جدا. سأل عن الفرق بين الزمن والزمان.

وانفجر العقاد ضاحكا ساخرا. إن الزمن كلمة ولكن الزمان أطول ولذلك يجب أن نجعل الألف تمتد إلى ما لا نهاية هاها..هاها.. ولم يضحك أحد وغضب منصور باشا بصورة واضحة. ولم يحاول العقاد ترضيته أو الاعتذار له.. وحاولت أن أخفف من وقع هذه الصاعقة. فقلت لا فرق بين الزمان والزمن. كلها لحظات محسوبة. وهي إذا قورنت بالخلود والأبدية فهذه أطول وهذه أقصر. ولا بد أن نعود في هذا الرأي إلى علماء الفيزياء هم الذين يقيمون الزمن. وهم الذين يقولون ما قاله أينشتين من أن الزمن هو البعد الرابع للطول والعرض والارتفاع ولسنا الذين نحكم في مثل هذه القضايا..

وقال طه حسين: أنت يا سيد أنيس من المعجبين جدا بالعقاد. تعلن ذلك كثيرا..

فقلت: ولكني لا أستطيع يا أستاذ أن أهاجم العقاد وأرد عليه.. صعب نفسيا. ولكني أقول كما قلت يا أستاذ إنها لحظة عصبية جعلته يطيح بكل ما ليس عباس العقاد..

وضحكة طه حسين أو ابتسامته هي التي فيها سخرية لطيفة مهذبة. ويقول إن كذلك فولتير..

وتحدث طه حسين عن العصر العباسي للشعر وتحدث عن المتنبي وأبي تمام. وأعاد المقارنة وقال: المتنبي كان كالعقاد في عصبيته.. ولم يقل إن أبا تمام كان هادئا راسخا كطه حسين..

وقال طه حسين: هذا موعد الغداء. نلتقي غدا. فغدا سوف يكون ممتعا. ولم نعرف السبب. ولكن من الذي يرفض دعوة طه حسين!