معاهدة «كوبنهاغن»: الفرصة الأخيرة

TT

رغم كل التقارير والدراسات والأبحاث التي صدرت وأكدت وحذرت من مخاطر وكوارث ظاهرة التغيرات المناخية، إلا أن التزامات الدول والأفراد للحد منها لا تزال دون المستوى، الأمر الذي يؤكد على أن كوكب الأرض لا يزال في خطر، ما لم يكن هناك اتفاقيات عادلة وطموحة تلزم الدول والأفراد بتغيير سياساتها بشأن المناخ، ولعل معاهدة «كوبنهاغن» في ديسمبر (كانون الأول) المقبل تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض.

ففي الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر المقبل وبرعاية الأمم المتحدة، تستضيف كوبنهاغن بالدانمارك مؤتمرا عالميا تاريخيا مهما للتوصل إلى اتفاقية عالمية جديدة بشأن المناخ تحل محل «معاهدة كيوتو» Kyoto Protocolالتي تم التوصل إليها في 11 ديسمبر عام 1997 في مدينة كيوتو باليابان والتي ينتهي العمل بها في 2012، والتي تلزم من بين أهدافها 37 دولة صناعية بخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بنحو 5 في المائة عن المستويات التي كانت عليها عام 1990، خلال الفترة ما بين عامي 2008 و2012.

ولكن «معاهدة كيوتو» فشلت في الحد من انبعاثات الغازات بسبب عدم وفاء العديد من الدول بالأهداف التي حددتها لتحقيق ذلك، حيث لم يتم تقدم حقيقي حول أهداف خفض الانبعاثات الحرارية، وخاصة في الدول الصناعية الكبرى التي تعتبر المسؤولة إلى حد كبير عن ظاهرة التغير المناخي.

ومن المفترض أن تشكل معاهدة «كوبنهاغن» حول تغير المناخ مرجعية أساسية وجديدة للحكومات لتحل محل معاهدة «كيوتو»، كما أنها آخر فرصة للعالم لتأمين التخفيضات المطلوبة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لتجنب كوارث عالمية ذات أبعاد متعددة غير متوقعة، وسوف تتناول معاهدة «كوبنهاغن» سبل تجاوز العقبات التي حالت دون تطبيق معاهدة «كيوتو» بشكل فعال، وكذلك تجاوز الخلافات القائمة بين الدول الصناعية الكبرى من جهة والدول الصاعدة والفقيرة من جهة أخرى، وسوف تصف المعاهدة المسار الذي يتوجب سلوكه لتجنب حدوث كارثة في المناخ، مع التشديد على ضرورة إبقاء الارتفاع في حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين.

وهنا نطرح تساؤلا: ما هو موقف ودور عالمنا العربي حكومات وأفرادا من المخاطر والكوارث والمفاوضات والاتفاقيات العالمية بشأن ظاهرة التغيرات المناخية؟ عالمنا العربي ليس بمعزل وبعيدا عن مخاطر وكوارث التغير المناخي، فمنطقتنا من أكثر المناطق تأثرا بها، وهناك حاجة ملحة الآن لأن توضع قضايا المناخ على رأس قائمة أولوياتنا القومية، وتوعية مواطنينا بهذه الظاهرة ومخاطرها ونتائجها الكارثية على البشرية كنتيجة حتمية لممارساتنا وسلوكياتنا ـ غير المسؤولة ـ كأفراد وكدول.

لقد آن الأوان أن يكون لنا دور رئيسي وقوي والمشاركة بفاعلية في محادثات وصياغة بنود معاهدة «كوبنهاغن» الجديدة لمكافحة التغير المناخي، والتأكد من حمايتها لشعوبنا وحفاظها على الحياة على كوكب الأرض ، وذلك من خلال تحرك رسمي وشعبي وناشطين بيئيين وحملات إعلامية متميزة وقوية للضغط على الدول المسؤولة الأولى والمسببة لظاهرة التغير المناخي، من أجل تغيير سياساتها والالتزام الجاد بهذه المعاهدة الجديدة وحماية ومساعدة الدول النامية والفقيرة على التكيف مع التغيرات المناخية والحصول على التكنولوجيا ومصادر الطاقة النظيفة والمتجددة التي تساعد في تفادي حدوث مزيد من مخاطر وكوارث التغير المناخي .

أخيرا.. «آلام» كوكب الأرض، تعقد «آمالا» طموحة على معاهدة «كوبنهاغن» في التخفيف من هذه الآلام وإنقاذها قبل فوات الآوان.

* كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية.