لثامن مرة: توفيق الحكيم!

TT

وطلبني توفيق الحكيم لكي ألقاه في مكتبه في الأهرام ـ وكنت أعمل في مؤسسة أخبار اليوم. وكانت مقالاتي قد احتلت الصفحة الأخيرة من أخبار اليوم. ولم يخف توفيق الحكيم حيرته بين الفرحة والأسف ـ هو قال ذلك. فهو فرحان لأن لمسرحيته هذا الأثر العنيف. وهو أسف أشد الأسف لما أصابني. والحقيقة أنه لم يكن السبب.. فنحن في مؤسسة (أخبار اليوم) قد ضقنا بالرقابة علينا بصفة خاصة. وحرص الدولة على هدم (أخبار اليوم) على دماغ صاحبيها مصطفى أمين وعلى أمين..

وكنا نلتقي كل ليلة في بيت مصطفي أمين: مع كمال الطويل وعبد الحليم حافظ وشادية ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم. ولم نكن نعرف أن كل ما نقول مسجل ويصل عبد الناصر أولا بأول.. ومن المؤكد أننا كنا سعداء عندما تم الانفصال بين مصر وسورية.. وقد سمعنا الرئيس بصوته الذبيح يتحدث عما حدث.. وهي مصيبة كبرى. فالحب الأكبر في حياة الرئيس هي سورية وهي التي خانته! لم يفق الرئيس من هذه الكارثة.. وأعتقد أنه مات بسببها..

وكان صوت الرئيس عبد الناصر يشبه تماما صوت الملك فاروق الذي نعى للأمة أنه طلق الملكة فريدة، وقال كما قال عبد الناصر بالحرف ولا أدري كيف: لقد شاءت إرادة الله..

قال توفيق الحكيم: أنا مش عارف أقول لك أيه..

وهو بالفعل لم يعرف ماذا يقول.

وعندما رويت هذه الواقعة للرئيس السادات قال لي: يا أنيس ده أنت تستحق الشنق.. فقلت: يا سيادة الرئيس أنت حيرتني فالرجل الذي يشنق الناس اكتفى بفصلي. والرجل الذي لا يفصل الناس يطالب بشنقي؟!

وطالت أيامي خارج أخبار اليوم. وطلبتني الفنانة برلنتي عبد الحميد وكانت على صلة قوية بمدير المخابرات المصرية صلاح نصر وقالت لي: سوف تعود إلى عملك قريبا..

وكان ما قالت!