نعم.. بإمكانها تحقيق ذلك: سارة بالين تسعى للرئاسة

TT

الرئيسة سارة بالين. بالنسبة لكثير من المتحذلقين والممثلين الكوميديين، ربما تبدو مادة خصبة للفكاهة، ولكثير من أعضاء الحزب الديمقراطي المتحمسين، يبدو ذلك سببا وجيها للهجرة من البلاد بأكملها.

إلا أنه على الرغم من الاعتقاد السائد بأن صورة بالين على الصعيد العام تضررت على نحو بالغ لا يسمح لها بالمنافسة بجدية في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها 2012 ـ وأتفق مع وجهة النظر القائلة بأن نجاحها غير محتمل ـ يبقى من الممكن أن تنتخب بالين رئيسة للولايات المتحدة.

وعلى من بدأت الشكوك تساورهم حيال قدرتي على إصدار أحكام موضوعية أو ما إذا كنت من أنصار بالين أن يضعوا نصب أعينهم أنني من قمت بإثارة تساؤلات جادة حول مؤهلاتها الخريف الماضي ـ وهي شكوك لا تزال لدي ـ وأنا الذي توقعت أن جون ماكين سيتطلع باتجاه قائمته الانتخابية بشعور من الندم.

عند النظر إلى المشهد السياسي للانتخابات الرئاسية لعام 2012، هناك عناصر محددة يجب الإبقاء عليها نصب أعيننا، على افتراض ترشح الرئيس أوباما في هذه الانتخابات.

أولا: تكشف استطلاعات الرأي التي أجراها «معهد غالوب» على مدار الأعوام الـ60 الماضية أنه لم يفز أي رئيس بإعادة انتخابه ممن حظوا بمعدلات تأييد لأدائه أدنى من 47%، ولم يخسر أي رئيس يتسم بمعدل موافقة على مستوى أدائه يفوق 51% انتخابات إعادة انتخابه. (جدير بالذكر أن معدلات تأييد جورج دبليو. بوش خلال الأسابيع السابقة لانتخابات عام 2004 دارت حول مستوى 50%). المتوقع أن تدور الانتخابات الرئاسية القادمة بصورة رئيسة حول رئيسنا الحالي وما إذا كان الناخبون راضين عن توجه البلاد في عهده. أما بالنسبة للتساؤلات المتعلقة بمن هو المرشح الجمهوري وما مؤهلاته أو مؤهلاتها، فإنها ستكتسب أهمية فقط إذا تراجعت معدلات تأييد أداء أوباما التي تتراوح حاليا بين 47% و51% خلال خريف 2012. المثير أنه خلال آخر استطلاع للرأي أجراه المعهد، وصلت نسبة الموافقة على أداء أوباما مستوى خطيرا بلغ 49%.

ثانيا: لا تزال الولايات المتحدة (للأسف) منقسمة على نفسها سياسيا، وتستفيد بالين، من ناحيتها، من هذا الوضع. في الوقت الذي يحب الديمقراطيون أوباما، ينظر إليه الجمهوريون بسخط. وتشير الأرقام إلى أن الفجوة بين نسبة تأييد أوباما بين الديمقراطيين والجمهوريين تقترب من نحو 70%، وهو انقسام حزبي يفوق ما كان عليه الحال مع أي من بيل كلينتون أو جورج دبليو. بوش. والملاحظ أن أجندة أوباما والإجراءات التي اتخذها هذا العام عززت هذا الانقسام.

وتكشف استطلاعات الرأي أيضا أن معدلات تأييد بالين تعمل بمثابة مرآة عاكسة للنسب الخاصة بأوباما. الملاحظ أنها تحظى باحترام وحب من القاعدة الجمهورية، بينما يزدريها الجمهوريون. كما أن الناخبين المستقلين لديهم تحفظات مهمة على قدرتها على الاضطلاع بمهام الرئاسة، وقطعا سيشكل ذلك عائقا أمامها في الانتخابات العامة. إلا أنه من أجل الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لها، يتعين على بالين الحصول على تأييد كاف من القاعدة لضمان الفوز المبكر داخل الولايات الحيوية. وبالفعل، تكشف تقريبا جميع الاستطلاعات التي تجرى حاليا أنها تتمتع بمستوى تأييد يجعلها مرشحا محتملا. وللتأكد من صحة هذا القول ما عليك سوى النظر إلى الحشود التي تتجمع حولها خلال جولتها للترويج لكتابها الجديد.

على الرغم من أنني اليوم لا أؤيد ترشح بالين للرئاسة، فإنه فيما يلي خمسة مقترحات من شأنها مساعدتها على قطع شوط طويل نحو الفوز بأعداد أكبر من المؤيدين: أولها: الاهتمام بالجودة أكثر عن الكمية. بالين ليست بحاجة لإثبات وجودها عبر الكثير من الرسائل على موقع «تويتر» والمشاركة في أعداد لا حصر لها من التجمعات. بدلا من ذلك، ينبغي أن تتطلع نحو منتديات مهمة تمكنها من التواصل مع الناس من خلال أسلوب مناسب ومتروٍ. وعليها المشاركة في البرامج التلفزيونية التي تذاع أيام الآحاد والجلوس مع تشارلي روز والصحافيين وإلقاء خطب جادة حول توجهها نحو عالم القرن الحادي والعشرين.

ثانيا: الخوف والأمل. من أجل أن ينتخب المرء رئيسا للبلاد، يجب أن يتفهم المرشح مخاوف الناخبين ويخاطب آمالهم. وقد أدرك رونالد ريغان ذلك جيدا (وكذلك بيل كلينتون). ومن أجل تحقيق ذلك على نحو أكثر شمولا، أقترح أن تسافر بالين بمعدلات أكبر كي تتعرف على نحو أفضل على وجهات نظر الناخبين فيما يخص القضايا المالية والدينية والعنصرية إلخ. وعليها الخروج من شرنقة المناسبات رفيعة المستوى. عليها زيارة الأجزاء القديمة والمزدحمة من المدن والضواحي والمدن الصغيرة حيث يواجه المواطنون العاديون مصاعب جمة. وعليها ألا تتحدث عن نفسها، وإنما تنصت للآخرين.

ثالثا: عليها إدراك أن ريغان أصبح ماضيا. على الرغم من أن ريغان رئيس محبوب قدم الكثير لبلاده، فإن المواطنين يرغبون في التطلع نحو المستقبل والالتفاف حول نمط جديد من القادة. لا بأس من الحديث عن القيم التي جسدها ريغان واعتناقها، لكن على بالين أن تكون نفسها، وليست مساعدة لرئيس أصبح الآن في كتب التاريخ.

رابعا: ينبغي استخدام الفكاهة. عند الرد على المجادلات والصحافة السيئة والسلبية، ينبغي أن تتعلم بالين مواجهة هذه المواقف بابتسامة، بل وربما عليها تعمد التقليل من قيمتها قليلا. على سبيل المثال، كان ليفي جونستون، الذي كاد أن يكون زوج ابنتها، غصة في حلق بالين، لكن عليها تجاوز هذه القضية الآن. إن التراشق علانية مع مراهق لا يليق بالرؤساء. وعلى بالين ألا تخاف من السخرية من نفسها علانية، ذلك أن الناخبين يحبون المرشحين الذين يدركون أنهم ليسوا معصومين من الخطأ ويمكنهم الاستهزاء بأنفسهم.

خامسا: على بالين التفكير في المحاسبة والمساءلة. علينا الاعتراف بأنه أحيانا تحدث أمور سيئة لأناس طيبين وهذا نوع من الظلم. لكن الناخبين لا يريدون سماع الأعذار عن سوء أداء المرشح في مقابلة ما أو ما إذا كان الآخر المسؤول عن قرار خاطئ. إن الأميركيين يرغبون في رؤساء لديهم القدرة على تقبل اللوم عندما تتخذ الأمور منحى سلبيا. وقد سئموا من عدم اعتراف قادتهم ومؤسساتهم بأخطائهم.

سواء شئنا أم أبينا، تبقى الحقيقة أنه حال ترشح بالين للرئاسة، فإن أمامها فرصة حقيقية لإنجاز ذلك. وتعتمد إمكانية نجاحها على قدراتها وقدرات الرئيس أوباما على الاعتراف بالأخطاء والتعلم منها مع تحركنا نحو عام 2012.

* محلل سياسي لدى «إيه بي سي نيوز».. وكان المسؤول الأول عن صياغة الاستراتيجيات في حملة جورج دبليو بوش الانتخابية لعام 2004.

* خدمة «واشنطن بوست».

خاص بـ«الشرق الأوسط».