ونجح الحج رغم أنف «الخنازير»

TT

استمرار نجاحات الحج عاما بعد آخر يعكس توفيق الله أولا، ثم يؤكد أن الخبرات التراكمية التي تشكلت لدى سكان البلاد في إدارة الحشود، ورعايتها، وخدمتها منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام قد وجدت في دعم القيادة كل أسباب التكامل والتميز. وشكل نجاح هذا العام بصورة خاصة قدرة السعودية على إدارة هذه المناسبة وإنجاحها في ظروف يصعب أن تتحقق في مكان آخر، فرغم كل ما قيل قبل موسم الحج عن إنفلونزا الخنازير، وإمكانية تفشيها بين الحجاج، كانت السعودية تتابع ما يقال في صمت الواثق من تقديم بيئة صحية تتوفر فيها ـ بعد التوكل على الله ـ كل أسباب العناية والرعاية والوقاية، وجاءت النتائج الإيجابية لتروي بالأفعال قدرة هذه البلاد الفريدة على إنجاح مواسم الحج رغم الظروف التي تحيط ببعض المواسم، ولذا كانت إجابة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بليغة، وهو يرد على سؤال أحد الصحافيين حول إمكانية أن تستعين السعودية ببعض الخبرات العالمية في إدارة الحشود خلال موسم الحج، فكان رد الأمير بأننا نمتلك أكبر وأقدم خبرة تراكمية في إدارة الحشود منذ أن بنى إبراهيم ـ عليه السلام ـ البيت حتى الآن، وأن بعض الجهات في الخارج تحاول أن تستفيد من خبراتنا.

نعم إن إدارة الحشود في الحج ـ بتنقلاتها المكانية وضوابطها الزمنية ـ أمر يختلف عن أي حشد في أي مكان في العالم، وهذا ما يجعل تجربتنا في إدارة الحشود تجربة مختلفة وفريدة من نوعها، ومن حقنا أن نعتز ونفخر بها، فنجاح هذه الإدارة خلفه قيم حافزة، هي نتاج تربية اجتماعية متوارثة ترى في خدمة الحاج شرفا ينبغي التسابق إليه لنيل الأجر من الله قبل كل شيء، وليس أدل على هذا التسابق في خدمة ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة من أن ترى الكثير من أبناء هذه البلاد على جوانب الطرق يحملون الماء والزاد، ليس بغرض التجارة والتكسب، بل لتقديم واجب الرفادة تجاه ضيوف الله، فهؤلاء هم أحفاد هاشم الذي كان يهشم الثريد في مكة المكرمة ليطعم الحجاج، وقد عظّم الإسلام في نفوسهم مكانة الحاج، ورفع شأنه.

والشكر واجب لكل من أسهم في صناعة هذا النجاح الكبير.

[email protected]