نداء «كوكب الأرض» إلى قادة قمة «كوبنهاغن»

TT

يسعدني أنا «كوكب الأرض» ـ المعتل الصحة ـ أن أرسل بهذا النداء الأخير ـ من على فراش المرض ـ إلى قادة قمة «كوبنهاغن» المجتمعين الآن لإعداد معاهدة جديدة بديلة عن «بروتوكول كيوتو» ـ الصادر عام 1997 والمنتهي مفعوله في 2012 ـ لعل وعسى أن أجد هذه المرة من يتدخل سريعا لينقذني والبشرية من أمراضي والكوارث والمخاطر الكثيرة المتزايدة المقبلة على أرضي، ويسعدني أن ألخص رسالتي الأخيرة في العناصر التالية:

أولا: أمراضي والكوارث والمخاطر المناخية التي حدثت على أرضي كثيرة وتعرفونها جميعا، وهي كما تعلمون نتيجة مباشرة للتغيرات في المناخ، ولم أعد أحتمل المزيد من هذه الأمراض والكوارث والمخاطر البيئية: فيضانات، أعاصير، حرائق، جفاف، ملوثات، ارتفاع مستويات المياه في بحار العالم، انتهاكات وتجاوزات بيئية، وغيرها كثير ومتزايد، وقد لاحظت أنكم تهتمون كثيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية، وتعتقدون أنها خطيرة، ولكنني هنا أقول لكم بأن ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري قد تكون أخطر بكثير من الأزمة الاقتصادية، وقد تكون هي المسببة لها.

ثانيا: أصدرتم العديد من التقارير والدراسات والبحوث والتحذيرات العلمية، وأكدتم فيها حقيقة وتداعيات ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري، كما عقدتم الكثير من القمم والمؤتمرات والندوات حول هذه الظاهرة، ولكن حتى الآن ما زلتم تتجاهلونها وتتأخرون في إصدار قرارات جادة وحقيقية بشأنها، فما زالت هناك انقسامات شديدة واختلافات فيما بينكم في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، فإلى متى الانتظار؟

ثالثا: ما زالت جهودكم المبذولة في التعامل مع ظاهرة التغير المناخي والحد من الانبعاثات الكربونية دون المستوى المطلوب للحفاظ على صحتي وحياة البشرية على أرضي، إلى متى هذا ومستويات الأخطار القائمة في ازدياد يوميا؟

رابعا: إلى حكومتي الصين والولايات المتحدة: الكل ينظر إليكما باهتمام بالغ ويعقد عليكما الآمال خلال هذه القمة التاريخية، إذ تنتجون أكبر نسبة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتتعرضان لانتقادات كثيرة من الرأي العام العالمي بسبب طريقة تعاملكما مع ملف التغير المناخي، أرجوكما وأدعوكما ـ هذه الفرصة الأخيرة ـ أن تبذلا جهودا أكبر في التعامل مع ملف التغير المناخي، وبأن تكون لديكما عروض كافية وتعهدات فعالة للحد من الاحتباس الحراري وخفض الانبعاثات الكربونية.

خامسا: إلى بني البشر: تتنعمون بخيراتي وتتجاهلون آهاتي، أنتم متهمون أيضا بأن أنشطتكم مسؤولة هي الأخرى عن أمراضي والكثير من المخاطر والكوارث الحالية والمقبلة، فاستنزافكم واستغلالكم غير الرشيد لمواردي الطبيعية واستعمالكم المفرط للطاقة من أبرز أنشطتكم التي أصبحت لا تطاق ولا تحتمل وتزيد من أمراضي، فأين دوركم؟

أخيرا.. لا تنسوا مساعدة، وحاجات، الدول الفقيرة والنامية لتمكينها من مواجهة، والتكيف مع، ظاهرة التغير المناخي.

وفي ختام رسالتي، وفي هذه الفرصة الأخيرة وأنتم بصدد إعداد معاهدة جديدة وجادة تقررون فيها مصيري ومستقبل البشرية على أرضي، والتي أتمنى وأرجو أن تكون طموحة وملزمة لكل دول العالم، أرجوكم وأدعوكم هذه المرة أن تتخذوا إجراءات جادة في التعامل مع ملف التغير المناخي لمواجهة ارتفاع درجة حرارتي والحد من الانبعاثات الكربونية والضارة بالبيئة ومن استهلاك الطاقة، إذا أردتم بالفعل إنقاذ حياتي وحياتكم وتجنب الكوارث والمخاطر المحتملة المتعلقة بالطقس والمناخ في المستقبل.

والى بني البشر أقول أيضا، أرجوكم غيروا من نمط حياتكم وسلوكياتكم اليومية وساهموا في توعية أبنائكم بظاهرة ومخاطر التغير المناخي والاحتباس الحراري للحفاظ على صحتكم وبيئتكم ومستقبل أجيالكم والمشاركة الجادة مع قادتكم في خفض تأثيرات وتهديدات التغير المناخي الحادة والسريعة والمتزايدة.

(مع سلام وتحيات أرضكم المعتلة).

* كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية