إيران: الأزمة.. والشوارع!

TT

منذ قيام الثورة الخمينية في إيران وإطلاق تسمية الثورة الإسلامية عليها (أعان الله الإسلام، كم تطلق باسمه الشعارات: لبنوك وأنظمة حكم وأحزاب ومحال حلاقة وتصميم أزياء.. وهلم جرا)، منذ ذلك التاريخ وهناك شغف غير بريء بتسمية بعض الشوارع الرئيسية في العاصمة الإيرانية طهران بأسماء أقل ما يقال عنها إنها استفزازية وخارجة تماما عن اللياقة والأدب، فهناك شارع معروف باسم أبو لؤلؤة المجوسي، قاتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو لؤلؤة المجوسي شخصية يجمع عليها الأغلبية الساحقة من العالم الإسلامي بأنها شخصية حقيرة ومجرمة ومع ذلك يسمى شارع باسمه! وبعد ذلك الحدث توالت تجليات النظام في إيران فأطلقوا اسم خالد الإسلامبولي، وهو مجرم آخر قام باغتيال الرئيس المصري أنور السادات بشكل همجي وأودى بحياة أبرياء آخرين، على شارع آخر، مستفزين به أكبر دولة عربية حتى اليوم، ويستمر الإبداع الإيراني ويتجدد ليطلقوا اسم حسين الحوثي على أحد شوارع طهران، والحوثي ليس بعالم ولا بالجهبذ ولا هو من الشخصيات التي نالت الاحترام والتقدير أو أضافت لمجتمعاتها الشيء الحميد، ولكنه تسبب في فتنة هائلة لا يزال اليمنيون يدفعون ثمنها إلى اليوم.

هل يمكن النظر لكل هذه الشوارع وتسميتها ببراءة وحسن ظن؟ أعتقد أن ذلك صعب جدا! اهتمت إيران بكسر «الشارع» العربي عبر دغدغة عواطفه فكان منها أنها بينما هي «تدغدغ» عواطفه كانت في الواقع «تدغدغ» عظامه عبر معارك فرعية أسفرت عن ضحايا كثر. كل ذلك كان يعمل لصرف الأنظار عن التحديات الداخلية التي يواجهها النظام في إيران؛ تحديات معلومة كالبطالة والفساد والتفرقة العنصرية بحق الأقليات والتعدي على حدود دول وتهديد الجيران.

ولكن المشكلات الإيرانية الأكبر التي تم التعرف إليها بقوة بعد نتاج وتداعيات انتخابات الرئاسة الأخيرة أظهرت أن هناك تشكيكا قويا في جدارة المرشد الأعلى للجمهورية والنظام.. أو في شخص الولي الفقيه نفسه، ويأتي هذا التشكيك من شخصية مهمة جدا ولها الثقل الأهم داخل إيران وهو المرجعية «منتظري»، ومنتظري كان على خلاف شديد مع الخميني نفسه في أكثر من موضوع وهو معروف اليوم بكونه فقهياً أهم وأعمق وأجدر وأثقل وزنا من خامنئي الذي «يحميه» منصبه السياسي، وهي حماية باتت تضاف إليها أقاويل داعمة مثل تصريح أحد المشايخ بأن المرشد الأعلى يستمد قوته من الله مباشرة، وبالتالي يجعل سقف نقد المرشد «مسألة معقدة» كأقل تقدير. المشكلات في إيران هائلة وبحاجة لعلاج فوري ولن تخفيها أو تلهي الناس عنها شوارع تسمى أو مناصب تمنح أو حروب يتم دعمها لأسباب واهية. هناك حروب داخلية في إيران ولأسباب داخلية محضة وهي المحرك للتغيير، أما موضوع تسمية الشوارع لأسباب استفزازية فهو يتفق تماما مع الأسباب الحقيقية لتصدير الثورة للخارج.. استفزاز الآخر.

[email protected]