حمداً لله على سلامة سلطان الخير

TT

ليس أعز عند الانسان من شفاء مريض وعودة غائب، ويعجز اللسان ويحار القلم في التعبير عما يخالج النفس من شعور عند تحقيق الأمرين، فعودة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام من رحلته العلاجية، إلى أرض الوطن سالما معافى، كانت غاية أمنيتي، ولن أتمكن في هذه الأسطر من التعبير عن فرحتي الغامرة بهذه المناسبة العزيزة، كيف لا وقد تجذرت مشاعر حبه في القلوب واستدعتها مواقف ما فتر اللسان عن ذكرها وترديدها، ولا عجب في ذلك فقد أحبه والدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله)، أحب لطفه ونبله وفراسته، وأحب عطفه وكرمه وانسانيته، وقد أحببت عمي سلطان الجود وأنا أرى له من دقائق الحب وصدق المشاعر في قلب القائد الأشم والجبل الشامخ مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (أيده الله) الذي تابع الاطمئنان على صحته، حيث ودعه وزاره واستقبله، بل يتجدد حب هذا الرجل في نفسي كلما طرقت سمعي عبارات الإكبار والإجلال التي يرددها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، عن مواقف المروءات في سيرة سلطان الخير طيلة عقود طويلة أمضاها سندا لوالده المؤسس الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه)، وعضدا صادقا لمن بعده من الملوك على مر السنين والأعوام، ومما يكرس محبة سموه في قلبي وغيري من المحبين ما نراه من تعظيمه لدين الله وخدمته لشرعه الحنيف بكل السبل والوسائل وفي شتى المجالات والميادين، فضلا عما يبذله بسخاء في سبيل الخير، حتى غرس الله محبته في قلوب خلقه «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان».

والمتأمل للحظات وصول سموه ومرافقيه إلى أرض الوطن وسط تلك الحشود التي جاءت، يحدوها الحب ويدفعها الإخلاص، يرى كيف تختلط المشاعر في مشهد مهيب جلله سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) باستقباله لأخيه وعضده وولي عهده الأمين، وزينه نجوم تلألأت من أركان الأسرة المباركة، ورجالات الوطن الكرام وأهل العلم والفكر، لقد عاد سلطان العز ليسعد نفوس أحبة أقلقها غيابه وأبهجها قدومه، وعادت الابتسامة المعهودة لتخفي (بإذن الله) ما سلف من صراع مع الألم، إن هذا المشهد يثبت في النفوس أسسا وحقائق لم تتبدل ولن تتغير، ليشهد بها الزمان وتنطق بها الأيام وتعيها الأجيال، بأن ابناء المؤسس مع ابناء الشعب قلب واحد ويد واحدة وجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وهذا ذخر لنا وغصة لأعدائنا وقبل ذلك طاعة لربنا عز وجل حيث قال سبحانه وتعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».

لقد عدت يا سيدي محفوفا بلطف الله ورعايته، مكللا بدعاء المخلصين وابتهالهم إلى الله بسلامتك وعافيتك، مجزيا بمثل ما فعلت من صنائع المعروف التي احتسبتها عند الله فأنعم عليك برحمته وجزاك بها رفعة في الدرجات وتكفيرا للسيئات ومضاعفة للحسنات.

المجد عُوفي إذ عُوفيت والكرم

وزال عنك إلى أعدائك الألم

صحت بصحتك الأبدان وابتهجت

بها المكارم وانهلت بها الديم

وما أخصك في برء بتهنئة

إذا سلمت فكل الناس قد سلموا

وإن أنسى في خضم هذه الفرحة الغامرة فلا أنسى وقفة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، بجانب شقيقه الهمام طيلة فترة رحلته العلاجية، مسطرا بذلك أسمى آيات الوفاء والإخلاص والتفاني بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان، وهذا ديدن سموه مع إخوانه جميعا فقد لازم أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (طيب الله ثراه) طيلة فترة مرضه ليلا ونهارا، مجسدا بذلك أنقى صور الأخوة والمحبة، فهو من الرجال الذين قل أن يجود الزمان بمثلهم لقربه دائما من الجميع.

وختاما أسأل الله العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا، أن يحفظ مليكنا وقائد مسيرتنا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وسمو سيدي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبد العزيز، وجميع أفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي النبيل، كما أسأله جلت قدرته أن يديم على بلادنا الغالية الأمن والأمان ورغد العيش.. إنه سميع مجيب.

* وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء في السعودية