أردنا سورية.. فجاءت إيران!

TT

المشهد السياسي بمنطقتنا كالتالي: أطلق القناص رصاصته لاصطياد الصقر من فوق الشجرة.. ويا للمفاجأة، سقط دب ضخم! فعندما تحركت الدبلوماسية السعودية، تحديداً، تجاه المصالحة العربية، وتحت يافطة ترتيب البيت العربي، ورأينا بعدها الملك السعودي بدمشق، بعد أن رأينا الرئيس السوري بالرياض، ثم رأينا الأسد والحريري وجهاً لوجه بدمشق، بعد أن ظننا أن لا تلاقيا، جاءت إيران مهرولة للعرب، وأيضاً بدافع الضغط الغربي بالطبع، لتبحث عن تحالف إسلامي استراتيجي، ولنسمِ الأشياء بأسمائها، تحالف سعودي – مصري – تركي - إيراني. ولذا نقول كان الصياد يتحين الصقر، سورية، فسقط الدب، إيران!

ففي القاهرة، وأمام الصحافيين بالجامعة العربية، قال لاريجاني إن بلاده «حريصة على علاقة الصداقة مع دول الجوار من منطلق استراتيجية تركز على ضرورة الوحدة بين الدول الإسلامية من دون تفريق بين السنة والشيعة». قاصداً تحالفاً عربياً تركياً إيرانياً. وأشار لاريجاني إلى أن علاقة بلاده طيبة مع الدول العربية «مثل اليمن والإمارات ومصر والمغرب والعراق والسعودية وفلسطين»، مضيفاً أنه قد تبرز خلافات في وجهات النظر إلا أن إيران وتلك الدول متفقون بالنسبة لفلسطين على حق المقاومة، «ورغم ذلك فتعاملنا أخوي مع جميع الدول». والملاحظ هنا هو عدم ذكر لاريجاني لسورية، كما أن جميع من سماهم من الدول لديهم مشاكل حقيقية مع إيران!

الأمر الآخر المهم هو زيارة متقي للبنان، وأبرز ما قيل هناك أن بلاده تريد علاقة جيدة مع لبنان، لكن على أن تكون علاقة مباشرة، دون وسطاء، وبحسب أحد اللبنانيين المطلعين جيداً، فإن ما فهمه الساسة اللبنانيون من وزير خارجية إيران مفاده «تواصلوا معنا دون الحاجة للجوء إلى السوريين»!

وبناء على هذه المعطيات فإن الواضح هو أن الإيرانيين بدأوا يشعرون بالعزلة العربية، ويريدون تحييد العرب قبل استحقاق المدة المشارفة على النهاية بالتفاوض مع الغرب، ويريدون أمرين رئيسيين هما: إما كسر العزلة وتحييد الساسة العرب من الوقوف مع المجتمع الدولي في حال فرضت عقوبات على طهران، أو أن طهران تريد تحسين صورتها أمام الرأي العام العربي تحسباً لأي مواجهة مع المجتمع الدولي، أو عقوبات، ومن أجل تسهيل استخدام ورقة حماس وحزب الله. وكلا الأمرين يعنيان أن طهران لا تريد التقليل من التقارب الذي حدث مع سورية، عربياً، وحسب، بل تريد تهميشه من خلال تقارب أكبر بين السعودية وتركيا ومصر وإيران.

إلا أن السؤال هو: هل تَصدُق طهران؟ أشك! وأبسط دليل أن لاريجاني ينفي علاقة بلاده بالحوثيين، ثم يعرض إمكانية «التصدي لهذه القضية»، فكيف بوسعه الوساطة طالما أن لا علاقة له بالحوثيين! الواضح أن طهران تريد حماية الحوثيين بعد أن كسر السعوديون شوكتهم، وتريد فك العزلة، والتقليل من الانفتاح العربي مع دمشق من خلال اتفاق أكبر يضيع فيه الثقل السوري، وتفوت على الغرب ورقة العرب تحسباً لأي خطوة غربية قادمة بسبب مفاوضات الملف النووي!

ما تريده إيران هو اصطياد عصافير بحجر واحد، وليس طمأنة العرب.

[email protected]