أبناء بن لادن

TT

الذي يقرأ أخبار ما آل إليه أحوال أبناء وأحفاد وزوجات زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يشعر بالحزن على مصائر هؤلاء الأبرياء، الذين هاموا على وجوههم في الشتات، خاصة بعد انتشار خبر احتجاز عدد منهم منذ سنوات في إيران، الأمر الذي يعمق مأساة هذه الأسرة، التي لا حول لأفرادها ولا قوة، فلقد وجدوا أنفسهم في الشتات برفقة والد له أجندته الخاصة، ولم يكن لهؤلاء الأبناء حرية اختيار هذا المصير، فلقد نشأوا وترعرعوا في أجواء من التوتر، والخوف، والمطاردة، فإذا كان أسامة بن لادن قد اختار طريقه ومصيره، فإن هؤلاء البؤساء من أفراد أسرته لم يختاروا لأنفسهم حياة التشرد، والفزع، والترحال، بل فُرضت عليهم، ولم يقدروا على دفعها، أو رفضها، أو الاعتراض عليها.

أشعر بأن العالم يتفهم جيدا ظروف أسرة أسامة بن لادن، والمناخات التي أحاطت بها، والصعوبات التي عاشتها، والأهوال التي واجهتها، ومن حق هؤلاء الأبناء والزوجات والأحفاد أن ينعموا بعد كل هذه المعاناة بحياة آمنة، مستقرة، يسودها الحب والسلام، وسواء أكانوا محتجزين في إيران أم في ضيافتها فقد آن الأوان لهؤلاء أن يستعيدوا حريتهم، وأن يعيشوا كغيرهم من خلق الله؛ فثمة فرق بين أسامة وأسرته، وليس من العدل أن تدفع هذه الأسرة أثمان سلوكيات والدهم، فما الذي كان بمقدور امرأة أو طفل وجدا نفسيهما في جبال تورا بورا أن يفعلا لتغيير هذا الواقع المرير؟

لقد كانت صحيفة «الشرق الأوسط» سباقة في إلقاء الضوء على وجود ستة من أبناء أسامة بن لادن في إيران، ولجوء ابنته إيمان إلى السفارة السعودية في إيران، تلك القصة التي تناقلتها الكثير من وكالات الأبناء عقب نشرها عدد الأربعاء الماضي، فلا أحد كان يعرف مصير هؤلاء الأبناء الذين اكتُشف أنهم موجودون في إيران منذ الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، حتى والدتهم السيدة نجوى الغانم لم تكن تعلم على مدى هذه السنوات الطوال إن كان أبناؤها على قيد الحياة أم غيّبهم الموت.

اليوم، وبعد أن عرف مكان أبناء أسامة بن لادن، وأحفاده، وإحدى زوجاته، فإنه آن الأوان لهذه الأسرة أن يلتئم شملها، ويلتقي جمعها، لتستعيد حياتها المسروقة من ركاب الخوف والتشرد والشتات.