السعودية.. مشعل وإزالة الشكوك

TT

هل وصل خالد مشعل للرياض معلنا بيع إيران، أم أنه جاء ليبيعنا الوهم مرة أخرى؟ وصف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لمباحثاته مع مشعل بأنها «ركزت على إزالة الشكوك في الأدوار التي تلعب في منطقتنا» كلام دقيق. وأعجبني تعليق للأستاذ تركي السديري رئيس تحرير صحيفة «الرياض» عندما قال لمحطة «الإخبارية» إن «الشكوك بعدد سكان العالم العربي».

تصريحات مشعل مهمة، خصوصا نفيه أن حماس تستبدل الدور العربي بالإيراني، وتأكيده أن «فلسطين عمقها الأول هو العمق العربي». ومضيفا أنه «نعرف تاريخ السعودية ومصر وسورية والعرب جميعا في دعم القضية الفلسطينية». كما نفى أي دور لحماس بالمساس بالأمن العربي، أو دعم الحوثيين. بل إن مشعل قال إن حماس «لا تزال تتطلع إلى دور سعودي مميز إلى جانب مصر والدول العربية، للنجاح في رعاية المصالحة الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني، وللملمة الموقف العربي في مواجهة القيادة الإسرائيلية المتعنتة». قائلا إن «نتنياهو اليوم لا يلقي بالا لا للفلسطيني ولا العربي»، وكلنا بالطبع يعرف أن الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني الذي قادته حماس هو السبب، ولا ننسى إجهاض اتفاق مكة، الذي كان الفيصل واضحا فيه حين قال «ما زلنا نتفاعل مع ما حصل في مكة وما نتج عن هذا الاتفاق، وتعلمون أنه آلمنا كثيرا أن الاتفاق لم ير طريقه للنور، ولكن ما فات مات. والأمل في المستقبل، نأمل أن تكون هناك استجابة للمبادرة المصرية بالسرعة التي تعيد للحمة الفلسطينية فاعليتها». وهذا كلام واضح لقطع الطريق على أي محاولة للالتفاف على الجهد المصري.

لكن يبقى السؤال: هل زيارة مشعل للرياض وتصريحاته كافية لتصديقه؟ فعندما يقول مشعل إن نتنياهو لا يقيم وزنا للفلسطينيين والعرب، مثلا، كلام صحيح، لكن سببه هو الانقسام الفلسطيني، وتحديدا مواقف حماس، التي تفضل هدنة مع إسرائيل دون حديث عن القدس أو غيرها، مقابل رفضها للمبادرة العربية، وهذا أمر يخدم إسرائيل، لا القضية أو العرب.

سعوديا، ما فهمته هو أن استقبال الأمير سعود لمشعل، الذي طلب الزيارة، ولم يلتق سوى الفيصل، يعد حلقة صغيرة من دائرة أكبر للاتصالات السعودية على مستوى الدول العربية الرئيسية، حيث تريد الرياض استكمال ما بدأه الملك عبد الله بن عبد العزيز بالكويت حين طرح مبادرة المصالحة العربية، للوصول إلى أن لا يكون العالم العربي مسرحا لأدوار الآخرين، وإنما يكون للعرب دور فاعل بتحديد مسار المنطقة ومستقبلها.

ولأننا لا نعلم ما إذا كانت أوضاع إيران الداخلية، أو استحقاقاتها الخارجية، هي التي دفعت مشعل للتحرك، أو أن حماس تريد الالتفاف على المصريين، أو المناورة، خصوصا مع الضغوط الداخلية بغزة، وتشوه صورة الحركة عربيا، ناهيك عن أن بيان حماس بعد زيارة مشعل للرياض يقول إن الزيارة جاءت في إطار جولة شملت كلا من «سورية واليمن وإيران» وغيرها، نقول إن تصديق مشعل من عدمه يجب أن يكون مرهونا بالأفعال لا الأقوال، التي جربناها بلا فائدة.

[email protected]