صوتك وايماءاتك أبلغ من كلماتك

TT

حينما تشعر أن مديرك غير صادق في كلامه، فقد تصدق أنت «نبرة صوته» و«إيماءاته الجسدية». هذا باختصار ما توصلت إليه دراسة د.ألبرت مهرابيان صاحب النظرية الشهيرة (7-38-55)، التي أظهرت أن تأثير الرسالة التي يود إيصالها محدثنا إلينا يكون من خلال الكلمات بنسبة لا تتجاوز 7 في المائة، و38 في المائة لنبرة الصوت، و55 في المائة لإيماءاته الجسدية. بمعنى آخر عندما يخطب مسؤول ما في ندوة انتخابية أو مؤتمر عام أو اجتماع مصغر، فإن 93 في المائة من تأثير الرسالة علينا كمستمعين يأتينا من خلال نبرة صوته وإيماءاته الجسدية (38 - 55%).

ويرى د.مهرابيان الأستاذ بجامعة لوس أنجلوس (UCLA)، أن تأثير المتحدثين في مستمعيهم يكون إما «لفظيا أو صوتيا أو مرئيا» ولذا سميت دراسته (3Vs) وهي اختصار للكلمات الثلاث (Verbal, Vocal, Visual) مع فارق النسب المشار إليها. ويبدو جليا أن نتائج هذه الدراسة واقعية جدا، فعندما لا تتطابق كلمات المسؤول مع نبرة صوته وإيماءاته الجسدية، فإن مستمعه سيجد صعوبة بالغة في تصديقه. على سبيل المثال: حينما يكذب مدير على موظفيه ويتهرب من النظر في أعينهم بصورة مباشرة وواثقة فقد يجد الموظف صعوبة بالغة في تصديقه، لأن دراسة أخرى أثبتت أن من يكذب يصعب عليه التحديق في عين المستمعين إليه، فهو يحركها يمنة ويسرة بطريقة عشوائية تفاديا للنظر المباشر.

ويبدو أن غموض المتحدث يدفع المستمع إلى تصديق الجوانب غير اللفظية (الصوت والإيماءات) على حساب اللفظية (الكلمات) كما أشارت دراسة د.مهرابيان. ولذا يقع الناس في فخ الغموض حينما لا تتطابق كلماتهم المنطوقة مع نبرة صوتهم وإيماءاتهم. وعليه فإن المفوهين المؤثرين في عالم السياسة وعالم الأعمال هم من تتطابق لديهم الجوانب الثلاثة: الكلامية والصوتية والجسمانية.

ونعني بالجوانب الكلامية حسن انتقاء المتحدث لمفرداته، وإعداده الجيد قبل شروعه في التحدث على الملأ، أو حتى في اللقاءات الشخصية مع زملاء العمل أو غيرهم. وخطورة تأثير الجانب الكلامي في الناس تكمن في أنه إذا ما خان الشخص التعبير في كلمة واحدة، فقد يخسر أحد الحاضرين، كأن يُعرّض بفئة أو بطائفة من الناس، أو يجرح مشاعر موظفة مجتهدة بكلمة في غير موضعها المناسب.

أما الجوانب الصوتية (نبرة الصوت) فالمقصود بها عدم التكلف في رفعها أمام الناس، والمحافظة على وتيرة متزنة، لأن المتصنع في صوته ينكشف أمره بل قد يراه البعض «ثقيل الدم»! ليس هناك أجمل من العفوية والصدق في التحدث، فالإنسان الطبيعي يدخل إلى قلوبنا بسرعة البرق.

وبشكل عام نقول، لا بد أن نكون صادقين في ما نريد إيصاله من حديث، حتى نكون أكثر تأثيرا في الناس. فإذا لم تصدق كلماتنا فإن المستمعين سوف يصدقون الجانب غير اللفظي «كنبرة الصوت والإيماءات» وهما أكثر تأثيرا من «أصواتنا»... فيفتضح أمرنا!

[email protected]