فضيحة سياسية جنسية تهدد اتفاق السلام الأيرلندي

TT

تبدلت الأدوار هذه المرة، ووقعت فضيحة جنسية سياسية كنا نتوقعها منذ أمد بعيد، كان بطلها هذه المرة سيدة. فلم تقم إيريس روبنسون، التي تبلغ من العمر 60 عاما، وعضو البرلمان من أيرلندا الشمالية، علاقة جنسية فحسب، بل أقامت علاقة جنسية مع مراهق.

كانت الفضيحة مدوية، لأن زوجها بيتر روبنسون - أو كان حتى تنحيه المؤقت هذا الأسبوع - شخصية سياسية بارزة يشغل منصب الوزير الأول ورئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي المحافظ اجتماعيا، ولأنها تحمل تداعيات جيوسياسية تهدد اتفاق تقاسم السلطة الهش في أيرلندا.

ساند بيتر روبنسون زوجته، بصورة رمزية على أي حال، لدى اكتشاف العلاقة الجنسية ومحاولتها الانتحار. قال الزوج للصحافيين: «أعترف بأنني رغبت في إنهاء هذا الزواج حين علمت بالأمر، فقد شعرت بالخيانة بعد ما يقرب من 40 عاما من السعادة والرباط القوي».

ما يميز هذه عن كل الفضائح الجنسية التي وقعت في السابق أنها تحمل في طياتها فضائح أخرى. ولعل ما قامت به إيريس يذكرنا بالدور الذي لعبته الممثلة آن بانكروفت (السيدة روبنسون) التي أغرت الطالب الجامعي (بنجامين برادوك) في فيلم «الخريج»، وقد كانت السيدة روبنسون تبلغ من العمر 59 عاما عندما بدأت علاقتها مع الشاب ذي التسعة عشر عاما. كانت إيريس تعرف كيرك ماك كامبلي منذ أن كان طفلا، وتتعامل مع محل والده الجزار في شرق بلفاست، وقبل وفاته طلب ماك كامبلي من السيدة روبنسون العناية بولده. وقال كيرك لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «إنها تأكدت من أن كل شيء على ما يرام».

عُرفت روبنسون، المسيحية الإفانجليكانية، بتشددها في القضايا الأخلاقية، حيث شددت على مسؤولية الحكومة في تنفيذ قوانين الله، ووصفت المثلية الجنسية بأنها «أمر بغيض» مقارنة بالاستغلال الجنسي للأطفال. وقد امتدح زوجها بيتر روبنسون هذا التقييم قائلا: «لم تكن إيريس روبنسون من قررت أن المثلية الجنسية أمرا بغيضا، بل كان الله هو من قال بذلك».

من المؤكد أن الله قال أمرا ما عن الزنا له تعاليمه الخاصة. وبالنظر إلى تأكيدها على المغفرة المسيحية، ربما تعيد إيريس التفكير فيما قالته بشأن مغفرة هيلاري كلينتون لزوجها عندما تحدثت عن معاناتها معه بالقول: «لن تستطيع امرأة أخرى أن تتحمل ما عانته من زوجها عندما كان رئيسا». ما هذا الذي تقولينه يا إيريس؟

إلى جانب ذلك تأتي الفضيحة المالية، فقد قامت إيريس بجمع الأموال من مطوري عقارات محليين لصالح ماك كامبلي لفتح مقهى في مشروع تقوم على بنائه الحكومة المحلية. ونظرا لكونها مسؤولة محلية فقد دعمت طلبه. ولم يتم الإبلاغ عن هذه الأموال في إقرارات الذمة المالية. ثم عادت لتطلبها مرة أخرى عندما انتهت العلاقة. وكتبت إلى المستشار السياسي: «قد يبدو ذلك نوعا من القسوة، لكنني لن أتراجع حتى يرد المبلغ (45000 جنيه إسترليني) ولديه مهلة حتى أعياد الكريسماس».

ربما يأمل البعض أن يكون عبث السياسيات أقل دويا من خطيئة الرجال، وأن يكون متعلقا بعاطفة مدمرة أكثر منها بفضيحة جنسية كتلك التي سقط فيها حاكم ولاية نيويورك، إليوت سبيتزر، والتي عرفت بـ«فضيحة العميل رقم 9»، لكني أعتقد أن هذه لن تكون كتلك. وقد كان حزن مارك سانفورد على عشيقته الأرجنتينية يبدو أكثر رقة من انفصال إيريس الفاتر عندما وصفت هذه العلاقة التي استمرت سبعة أشهر بـ«العلاقة القصيرة، التي لم يكن لها تأثير عاطفي أو تأثير دائم».

وكان عبث بيرلسكوني على جانب المسبح أمرا مستغربا، فمن غير الطبيعي بالنسبة لأي من الجنسين أن يمارس الجنس مع شخص يصغره بأربعين عاما، ولذا كان من غير الطبيعي، والمدهش أيضا، أن يكون هذا الشخص الكبير سيدة. لكن في بعض الأحيان قد تميل السيدة إلى فتى المسبح أو مدير الميزانية.

من بين كل السياسيين المخطئين على هذا الجانب من الأطلسي تذكرني إيريس روبنسون بجون إدواردز، فقد كانا متشابهين إلى حد بعيد في سلوكهما المتهور ولجوئهما إلى ألغاز الطب النفسي المبهمة لتفسيرها ما إن تكتشف.

ففي كتاب «تغيير اللعبة» وصف مارك هالبرين، وجون هيليمان، كيف حاول موظفو إدواردز الغاضبين إجبار مرشحهم على إنهاء علاقته مع ريلي هانتر، وقد لعب بلاك دورا مشابها مع إيريس. ففي مقابلته مع برنامج «نايت لاين» ألقى إدواردز اللوم في علاقته على نجاحه السريع الذي، بحسب تعبيره، «غذى تمحوره على ذاته وأنانيته ونرجسيته».

وقد عانت إيريس هي الأخرى من الاكتئاب، فقالت: «الأطباء النفسيون ربما يشيرون إلى أن حالتي العقلية المضطربة ربما كانت العامل الأبرز الذي يفسر سلوكي غير العقلاني»، حتى أنها أقرت بتحملها المسؤولية كاملة.

سيكشف المستقبل دون شك عن المزيد من هذه الزلات للسياسيات، لكن مثل هذا النموذج لسياسية بارزة يدلل على التشابه السيئ في حكايات السياسيين الذين يرتكبون جريمة الزنا مهما كان جنسهم.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»