هيلاري وورطة الحرية

TT

وبّخت هيلاري كلينتون الصين بسبب تضييقها على محرك البحث «غوغل»، وأعلنت في الوقت نفسه عزم الإدارة الأميركية على الدفاع عن حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني، وفتح مجال أوسع لمستخدمي الإنترنت حول العالم، حيث اعتبرت هيلاري أن الإنترنت تمثل «الجهاز العصبي الجديد لعالمنا»، بل وطالبت «غوغل» بعدم الاستجابة للضغوط السياسية.

بينما يدعو الكونغرس الأميركي إلى اتخاذ قرار يحظر بموجبه الفضائيات العربية التي تحرض على الإرهاب، وهو الأمر الذي قد يعرض الملاك، أو المساهمين، في الأقمار الصناعية إلى عقوبات، فكيف يمكن أن يتفهم المرء ما هي الحرية التي تدافع عنها وزيرة الخارجية الأميركية أمام الحظر الذي يدعو له الكونغرس الأميركي، أوليس كلاهما، أي الإنترنت والفضائيات، من وسائل التعبير التي تضمن الحرية؟

خذ مثلا التبرير الأميركي لحرية التعبير، حيث اعتبرت كلينتون أن بث صورة المتظاهرة الإيرانية المغدورة ندا أغا سلطان كان بمثابة «لائحة اتهام إلكترونية ضد النظام الإيراني»، بينما يقول أحد أبرز مساعدي كلينتون، غارد كوهين، من مكتب التخطيط المرتبط مباشرة بمكتب كلينتون، لـ«الشرق الأوسط»: «في ما يخص إيران، التواصل مع الجهات عبر الإنترنت أو الطلب من (تويتر) عدم إغلاق الموقع للصيانة، كله تواصل مع الجهات المعنية من أجل إعطاء الإيرانيين فرصة للتواصل مع العالم وإعطائهم الحق في الحفاظ على حقوقهم المدنية، هذا يأتي ضمن إطار سياستنا الخارجية». وهذا كلام جميل، ومقبول، لكن ماذا عن ما يتعرض له الفلسطينيون على يد الإسرائيليين، ويملأ الفضاء والإنترنت؟

بل كيف يمكن أن نميز بين الحرية والإرهاب، أو التحريض والحق المشروع، فالدفاع عن الأرض حق مشروع، بكل الأعراف، لكننا اليوم أمام فرز محير، حيث تحول الدفاع عن الوطن إلى عمل إرهابي، والمسألة باتت مختلطة، مثلا في حالة حماس؛ ففي الغرب هناك من يراها حركة إرهابية، ويقرأون نقدنا لها على أنه تأييد لذلك، بينما نحن نرى أن حماس، خصوصاً في الصراع مع إسرائيل، حركة فيها رعونة وجهل سياسي، وانتهازية، وتتسبب بضياع كثير من الحقوق الفلسطينية، والعربية، لكننا لا نصفها بالحركة الإرهابية، ومن هنا فقد نلتقي في انتقاد حماس، لكننا لا نتفق على توصيفها.

خذ مثالا آخر، حيث تشكو الحكومة اليمنية لطوب الأرض، كما يقال، من فضائيات تحرض على تقسيم اليمن، أو تدعم الحوثيين، وتروج لـ«القاعدة»، والمعضلة أن بعض هذه القنوات، والمواقع الإلكترونية، موجودة في أوروبا، وهذا ما شكت منه مصر والسعودية والأردن منذ التسعينات وإلى الآن فيما يختص بـ«القاعدة»، أو الفكر المتطرف، إلا أنه دائماً ما كان يقال إن المحرضين لا يفعلون شيئاً مخالفاً لقوانين حرية التعبير.

ولذا نقول إنها ورطة حقيقية للإدارة الأميركية التي تدافع عن حرية التعبير على الإنترنت من ناحية، ثم تطالب العرب بإغلاق وحظر القنوات الفضائية المحرضة على الإرهاب من ناحية أخرى، فأين تبدأ الحرية وأين تنتهي، فضائياً وإنترنتياً؟ وما هي الحرية، وما هو التحريض في عالم متشابك، ومتداخل، بشكل غير مسبوق بفضل الإعلام، والإنترنت؟

[email protected]