يا حلالات

TT

أنشئت في دولة خليجية هيئة (لحقوق الإنسان)، ومن ضمن نشاطاتها أو إجراءاتها التي أصدرتها: تقنين زواج القاصرات، لأنه للأسف ما فتئ بعض الرجال يتزوجون أو يحاولون أو يتمنون الزواج (بطفلات) ما زلن لم يكملن في دراستهن حتى المرحلة الابتدائية!!

هذه مقدمة لا بد من الإشارة إليها قبل أن أدخل في الموضوع الذي حفزني إليه أحدهم عندما أتاني من غير ميعاد، ولاحظت من تعبيرات وجهه أنه مستاء، وعندما سألته عن ذلك قال لي: «إنني لست مستاء بقدر ما أنا مذهول»، عدت أسأله: من ماذا؟!

وإذا به يخرج ورقة مطبوعة كان قد استنسخها من (الإنترنت) لأحد المواقع، والكلام الذي فيها يحتوي على بيان من بعض (المشايخ)، يحتجون فيه أولا على إنشاء هيئة حقوق الإنسان، ويشجبون كذلك محاولة تقنين زواج القاصرات.

أخذت الورقة وقرأتها وأصابتني عدوى الذهول التي أصابت ضيفي الذي اقتحم داري من دون ميعاد، وها أنا ذا أعرضها حرفيا أمامكم علكم تصابون كذلك بعدوى الذهول التي أصابتني. يقول بيان المشايخ الأفاضل بالحرف الواحد:

«إن اسم هيئة حقوق الإنسان مصطلح غربي يقوم نظامه على رعاية حقوق الإنسان من حيث هو إنسان دون اعتبار لاختلاف الدين.

كما أن هذا التوجه من هيئة حقوق الإنسان وسعيها إلى إعداد نظام جديد يقنن زواج القاصرات توجه غير رشيد وسعي في باطل، فإن سن قانون يمنع من تزويج الصغيرات ويحدد سنا لزواجهن مخالف لدلالة الكتاب والسنة، ولما أجمع عليه المسلمون من عهد الصحابة رضوان الله عليهم، كما قرر ذلك الأئمة في مصنفاتهم في المذاهب الأربعة وغيرها، وممن نقل الإجماع على جواز زواج الصغيرة: ابن المنذر والنووي وابن عبد البر والموفق بن قدامة والكاساني، رحمهم الله.

وكل قانون يضاد حكم الشريعة ومقصودها فهو من الحكم بغير ما أنزل الله، فإن منع تزويج الصغار وتحديد سن النكاح هو من تحريم الحلال، وإذن فلا حرمة لهذا القانون وتجوز مخالفته ولا يفسد النكاح بمخالفته». انتهى.

لا أكذب عليكم أنه أصابني الكثير من (الذهول)، فآثرت الصمت لأنني لا أدري ماذا أقول!. فعاد يسألني عن سبب صمتي وعدم إبداء رأيي!. فقلت له: إن صمتي هو في الواقع أبلغ تعبير، وماذا تريدني أن أقول عن من يريدون أن يخرجوا الإسلام من دائرة الحقوق الإنسانية؟!

وعدت إلى الصمت المطبق مرة أخرى.

ولاحظ هو أن صدمتي كانت كبيرة، فغير الموضوع نسبيا يريد أن يخرجني من حالتي التي أنا فيها وقال لي:

تصور أنني كنت مع إخواني في الليلة البارحة نتكلم ونتداول هذا البيان ونسخر منه، وكانت تجلس معنا خالتي العجوز التي شارف عمرها على التسعين، وكانت تصغي لكل كلمة نقولها، فسألتها وأنا أمزح علها تعطيني رأيها الحكيم فيما نحن بصدده، وقلت لها: ما رأيك (يا خالة) لو أنهم (قلبوا) الموضوع، ووافقوا على أن تتزوجي أنت بغلام عمره خمسة عشر عاما؟!

فتفاجأت بخالتي (المخرفة) تبتسم لي قائلة: «يا حلالات» - أي (يا ليت).

[email protected]