إيران.. كلام نواعم!

TT

ما أن تناقلت الأنباء خبر نشر الولايات المتحدة الأميركية لأنظمة مضادة للصواريخ قبالة السواحل الإيرانية، وفي عدد من دول الخليج العربي، حتى خرج لنا من بعض عربنا من يقول إن هذه الخطوة تعد بمثابة استفزاز وتوتير لإيران، والمنطقة كلها، وإنها تذكر بأن خيار الحرب لا يزال قائماً!

الغريب أن من يرددون هذه التحليلات يتناسون، أو أنهم يحاولون قلب الأمور بالمعكوس؛ ففي 28 سبتمبر 2009 أجرت إيران مناورات أطلقت عليها اسم «مناورات الرسول الأعظم ـ 4»، حيث اختبرت يومها إيران صاروخ «قدر ـ 1»، النسخة المعدلة من «شهاب ـ 3» ويبلغ مداه 1800 كلم، وصاروخ «سجيل»، ويبلغ مداه ألفي كيلومتر، ويتكون من طبقتين، وبمحركين، ويعمل بالوقود الصلب ويتمتع بقدرات استثنائية، بحسب مسؤولين في طهران، ونقلا عن وكالة الأنباء الإيرانية (فارس) التي قالت إنه «للمرة الأولى اختبر حرس الثورة صاروخاً من طبقتين يستخدم وقوداً صلباً خلال تدريبات عسكرية». وفي ذلك اليوم أيضاً صرح قائد القوات الجوية لحرس الثورة الجنرال حسين سلامي بأن «كل الأهداف في المنطقة، مهما كان موقعها، ستكون داخل مدى هذه الصواريخ».

وفي 29 أغسطس 2009 قال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني إن قواته ستكثف وجودها في خليج عدن لضرورات دفاعية، مؤكداً أن «صواريخ إيران دقيقة جداً وتصيب أهدافها في أي مكان». وما سبق بالطبع غيض من فيض، كما يقال، وإلا فهناك تصريحات إيرانية أخرى، وعلنية، هدد فيها الحرس الثوري الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره قرابة 40 في المائة من تجارة النفط العالمية، والسؤال هو: من الذي يوتر أجواء المنطقة، ويبث فيها المخاوف، ويذكر أبناء الخليج العربي، والمنطقة، بأن خيارات الحرب ما زالت قائمة؟

بالطبع فإن الإجابة، وبكل بساطة، هي إيران، فالخليج يرى نفسه رهينة بيد طهران التي تساوم على أمنه واستقراره من أجل الوصول إلى هدفها النووي الذي يعني أيضاً أن الخليج العربي سيبقى برمته تحت رحمة إيران الثورية. ولذا فإن من هم قلقون من توتر إيران، أو المنطقة، يتناسون أن المنطقة في توتر لم يقف ومنذ الثورة الإيرانية التي كانت واضحة ومباشرة في تهديدها لأمن الخليج العربي، منذ أن باشرت طهران في تصدير ثورتها للمنطقة، وبكافة الأشكال. وعليه فمن الصعب اليوم القبول بأن نشر الأنظمة الصاروخية الأميركية من أجل حماية دول الخليج يمثل عملا استفزازيا لإيران التي، وكما أسلفنا، هددت على لسان قادتها بأن المنطقة كلها في مرمى صواريخها، فهل على دول الخليج أن تقف مكتوفة الأيدي ومتفرجة؟

بالطبع لا، ولذا فمن الجيد أن تشعر إيران بالتوتر، لعل وعسى أن يتعظ عقلاؤها، ويقدروا الأمور حق قدرها، قبل أن تقع الفأس بالرأس، ويجروا بلادهم، والمنطقة كلها، إلى حروب ودمار، لا طائل منها.. هذا ما يجب أن تعرفه إيران، وما يجب أن يقال لها، أما عدا عن ذلك فيعد كلام نواعم!

[email protected]