كيف عادت إلى الحياة!

TT

في اللغة العامية المصرية كلمات أصلها عربي فصيح أو قديمة جدا. ونحن نندهش كيف اختفت هذه الكلمات ثم ظهرت فجأة. ولا نعرف كيف حدث ذلك.

في لغتنا العامية نقول إن المسألة الفلانية ليست صعبة. وإنما تحتاج إلى (غلوة) واحدة. ونقصد أنها تحتاج إلى وقت قصير أو مجهود قليل. وفهمناها على أنها تحتاج إلى نفس الوقت الذي نضع فيه على النار ماء فيغلي.. أي دقائق..

ولكن لاحظت وأنا أقرأ في التوراة أخيرا أن (الغلوة) كلمة عربية للدلالة على المسافات.. فيقال بين أورشليم والخليل سبعون غلوة.. أي ما يعادل عدد الكيلومترات. كيف عاشت هذه الكلمة.. وكيف بقيت على الألسنة حتى يومنا هذا..

ونقول في العامية المصرية: فلان أعطى لصديقه (زمبة).. أو أن هذا الفلان رجل (زمبجي).. هذه الكلمة ظهرت منذ سنوات قليلة. وهي ليست عربية وإنما تركية. فالزمبة معناها المسمار.. والزمبجي هو الذي يدق المسامير أو يخلعها.. والمعنى أنه طعنه من الخلف.. أو كان سببا في مشكلة أوقعه فيها..

وفي كلامنا نستخدم كلمة (منديل). وفقهاء اللغة يقولون إن هذه الكلمة ليست عربية بل هي لاتينية من كلمتين.. مانو - تيلا.. أي قماش اليد. وهي في اللغة الإنجليزية أوضح: هاند كرشيف. أي نسيج في حجم الكف. ويقال إن لها أصولا أخرى..

وفى صعيد مصر يقولون عن الدجاجة: بللينا وهي من الكلمة الإيطالية جاللينا.. بمعنى دجاجة. والديك بالإيطالية: جاللو..

ونستخدم كلمة قمطة بمعنى اللفائف التي يرتديها الطفل ولها مدلولات أخرى للتحقير.. ولكن عندما قرأت إنجيل (يوحنا) وجدت أن الفتى لعازر الذي مات وبعد أربعة أيام أحياه السيد المسيح - بإذن الله - خرج من قبره ملفوفا بالكفن. وجاء في الإنجيل أنه خرج بالقمطة.. أي باللفائف التي يضعونها حول الميت. والقمطة كلمة عبرية، ومن الغريب أننا نستخدمها في العامية الحديثة بمعنى: الاختناق والحرج..

وغيرها مئات الكلمات التي ماتت. ولسبب ما بعثناها إلى الحياة.