أسلاك أميركا الشائكة!

TT

لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية عقب محاولة النيجيري عبد المطلب تفجير طائرة الركاب على أراضيها في أن تفرض على مواطني 14 دولة عددا من الإجراءات الصارمة عند قدومهم إلى الولايات المتحدة الأميركية، كمنع الدخول إلى دورات المياه قبل ساعة من وصول الرحلة، ومراقبة أي راكب يذهب إلى دورة المياه خلال فترة الإقلاع أكثر من مرة في فترة زمنية قصيرة، والتفتيش اليدوي الاحترازي قبل ركوب الركاب الطائرة بشكل فعلي لا يترك مناطق خارج حدود نطاق التفتيش، بما في ذلك مؤخرة الراكب والمناطق الحساسة إذا ما طلب رجال الأمن ذلك، ومراقبة المناطق الخفية في المطار، خاصة دورات المياه، من خلال مراقبين أمنيين، كما يتضمن التفتيش استخدام أجهزة إشعاعية تظهر جسد المسافر عاريا، وألا يتغطى الركاب في الطائرة بالأغطية بشكل يعوق مراقبتهم، كل ذلك بزعم أن هذه الدول الـ14 راعية للإرهاب أو متورطة في نشاطات إرهابية، أو أنها تعاني من الإرهاب، وهذا التصنيف يتجاهل حقيقة أن العالم بأكمله اليوم يعاني من الإرهاب، ومن هذا العالم أميركا ذاتها، التي من بين مواطنيها من لم يتردد في أن يقود طائرة مسروقة ليرتطم بها في مبنى مصلحة الضرائب كما فعل «جو ستاك» قبل أيام، كما أن ما قام به قتلة الفلسطيني محمود المبحوح الذين قدموا إلى دبي من جهات متعددة، وبجوازات أوروبية «مزورة»، يؤكد أن الخطر يمكن أن يأتي من أي مكان في العالم، ولو أن أميركا فرضت هذه الإجراءات على كل القادمين إلى أراضيها لما استنكر أحد ذلك، لكن التمييز بين الدول هو ما يجعل الأمر غريبا ومستنكرا ومثيرا لقدر كبير من الحساسية.

أعرف أن الولايات المتحدة تشكو من تنامي العداء ضدها في مناطق كثيرة من العالم، وتنفق الكثير لتحسين صورتها، لكنها في الوقت ذاته ترتكب من الأخطاء المجانية ما من شأنه إفساد الكثير من جهودها، وسعيها لرسم صورة أفضل لها في أذهان الجميع، خاصة أن الوقوف في وجه الإرهاب والإرهابيين يحتاج إلى أن تتوحد جهود كل الدول بعيدا عن التصنيفات غير المقنعة، ومن غير اللائق على دولة قيادية ومحورية مثل أميركا ألا تجد من الوسائل لحماية ذاتها سوى غرس المزيد من الأسلاك الشائكة الاستفزازية بينها وبين الآخرين، وفق تصنيفات تفتقر إلى المنطق والموضوعية واللباقة السياسية.

[email protected]