البرادعي والبحث عن زعيم

TT

في زيارة قديمة إلى لندن عقد الرئيس المصري حسني مبارك مؤتمرا صحافيا تحدث فيه عن أحداث المنطقة، وقبل أن يغادر تنطع أحد الحاضرين فسأله: «يا ريس ليه ما عينت نائب رئيس الجمهورية؟»، ورد عليه الرئيس بأنه لم يجد الشخص المناسب، وتطفل السائل نفسه مقترحا أن يعيّن صفوت الشريف، إلا أن الرئيس عاجله بالرد مازحا قائلا: «يا اخوي عيّنه عندك».

السؤال اليوم تجاوز نائب الرئيس إلى الرئاسة والرئيس، حيث اقترب موعد ثاني انتخابات على الرئاسة المتعددة المرشحين. والحقيقة أن الانتخابات ليست قريبة لكن الحماس المبكر جعلنا نشعر بذلك، حيث بقي عليها عام ونصف والحديث بدأ فعلا عن من يكون مرشح الحظ السعيد. والسؤال مَن مِن المرشحين يحمل ضخامة شخصية الرئيس مبارك، ويستطيع أن يحرك ملايين الناس للذهاب إلى صناديق الاقتراع؟

بورصة المرشحين مفتوحة من قبل انتخابات عام 2005، لكن بلا نتيجة، وليست كلها عراقيل الحكومة من أجل احتكار الرئاسة، بل أيضا لأنه لا توجد زعامات كبيرة في الشارع السياسي المصري رغم أن المعارضة طورت حضورها ونشاطها وأصبحت جزءا أساسيا من الحياة السياسية العريضة. غياب الزعيم في معسكر المعارضة تجلى في الترحيب الحار بمحمد البرادعي عندما قرر العودة إلى مصر، بعد أن أنهى رئاسته لهيئة الطاقة الذرية. وقد أثارت عودته شيئا من الحماس ربما أملا في أن يكون فرس الرهان لانتخابات العام المقبل. السؤال: كيف يمكن للبرادعي، رغم سمعته الدولية بحكم منصبه السابق، أن يكسب شعبية داخل مصر، وهو الذي غاب عنها 27 عاما، ولم يشارك فيها سياسيا بأي صفة كانت؟

الاستقبال الحاشد من قِبل المعارضة للبرادعي في المطار والاحتفاء به في المواقع الإلكترونية يعبّر عن يُتْم المعارضة التي لا تزال تبحث عن أب روحي وسياسي لها. وسبق لحشود المعارضة أن طرحت اسم العالِم والحاصل على جائزة نوبل، أحمد زويل، كمرشح للرئاسة، إلا أن زويل رفض وقال إنه يفضل أن يعيش عالما وأن يموت عالما. وحتى حركة الإخوان المسلمين، ذات الثقل الكبير في الساحة، فهي اليوم تدار بقيادات غير معروفة شعبيا. وربما نستثني أيمن نور الزعيم السابق لحزب الغد، الذي تردد كثيرا اسمه في إطار كفاية المعارضة، حتى تورط في خلافات الحركة وجاء سجنه ليعيده إلى الوراء خطوات كثيرة، وربما لن يُسمح له بالترشح بحجة سجله «الإجرامي». وجاء استقبال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لرئيس هيئة الطاقة الذرية محمد البرادعي ليرفع درجة حرارة السياسة المصرية في العالم العربي، خصوصا أن موسى شخصية معروفة جدا في المنطقة أكثر من بقية المرشحين المصريين.

وسواء كانت المعارضة يتيمة عاجزة أو النظام السياسي عقيما فإن الساحة المصرية دبت فيها الحياة مبكرا بترويج أسماء مثل عمرو موسى وزويل والبرادعي، ويبدو أنها لن تكون انتخابات سهلة كما حدث في المرات الماضية.

[email protected]