القروض المباشرة للطلاب.. الطريقة المثلى للاستثمار في التعليم

TT

منذ أمد بعيد، ووزارة التعليم الأميركية تقدم خدمات مجانية للقطاع المصرفي، فبموجب القانون الحالي، يقدم دافعو الضرائب ما يقارب 9 مليارات من الدولارات سنويا لدعم القروض الطلابية المضمونة التي تصدرها البنوك، وتحصل البنوك على أرباح من فوائد تلك القروض، ولكن إذا تخلف الطلاب عن السداد فإن دافعي الضرائب هم من يتحمل الخسارة وليس البنوك. وبمعنى آخر، فإن الطبقة العاملة في أميركا تعمل كي يزداد المصرفيون ثراء.

وفي الوقت نفسه، يعاني المدرسون، والمهندسون، وعلماء الكمبيوتر - عصب الاقتصاد الحديث - وطأة الديون القاسية، الناجمة عن مصاريف التعليم الجامعي، التي تصل إلى مئات الألوف من الدولارات، حيث اكتشفت دراسة أجراها الصندوق الوطني لدعم التعليم الجامعي في عام 2008، أن نحو ثلثي الطلاب الجامعيين تخرجوا وهم يدينون بما قدره 23 ألف دولار أميركي، ومن المتوقع أن يزداد ذلك الرقم كلما ارتفعت المصروفات الجامعية. ومن جهة أخرى، كانت البنوك تحصل على جزء كبير من خطة الإنقاذ الحكومية وغيرها من وسائل الدعم، في الوقت الذي كانت فيه معاناة العائلات العاملة والطلاب في زيادة مستمرة.

وما يريده الرئيس أوباما هو أن يقلص تلك الإعانات الموجهة إلى البنوك ويستخدم تلك الأموال لمساعدة الفقراء وطلاب الطبقة الوسطى على الالتحاق بالجامعة.

كما يرغب الرئيس في العمل على تحسين أوضاع المؤسسة الجامعية، وإعطاء الولايات التي يرتفع بها معدل إنهاء التعليم الجامعي منحا، بالإضافة إلى العمل على تطوير برامج التعليم المبكر. كما يرغب الرئيس في تخفيض الحد الأقصى للمدفوعات الشهرية على قروض الطلاب، الذي يصل حاليا إلى 15% من الدخل، إلى ما قدره 10% حتى يصبح الدين الجامعي في متناول يد الطلاب.

ولا عجب إذن في أن تبذل البنوك قصارى جهدها لعرقلة ذلك الهدف القومي، فقد أنفق بنك «سالي ماي»، أكبر البنوك في مجال إقراض الطلاب، ملايين الدولارات لحشد تأييد أعضاء الكونغرس، ونشر إعلانات في الكثير من الولايات يزعم فيها أن ذلك المشروع سوف يكلفنا الوظائف، ويؤثر في الخدمات التي نقدمها، وهو الزعم الذي يجب علينا تفنيده.

ففعليا، تعمل خطة الرئيس على توفير الوظائف، كما أنها تتوافق مع مبادئ السوق الحرة، حيث سوف يتم اختيار الشركات الخاصة عبر العملية التنافسية لتقديم قروض الطلاب التي تصدر عن وزارة التعليم.

وسوف تتنافس تلك الشركات، بما فيها «سالي ماي»، للقيام بتلك الأعمال، وسوف يتم تقييمها وفقا لجودة خدمة المستهلك التي تقدمها، ونسب تخلفها عن السداد.

لقد أصبحت خدمات القروض من الصناعات المزدهرة، حيث ازداد اتجاه الأميركيين إلى التعليم الجامعي. ووفقا للمشروع الذي اقترحناه، سوف تحصل الشركات ذات الأداء الأفضل على حصة أكبر من العمل مع الوقت، فيما سوف تتناقص حصة الشركات ذات المستوى الأضعف، مما يحفز السوق، ويفيد الطلاب ودافعي الضرائب على حد سواء.

ولا عجب في أن الصناعة المصرفية تبذل قصارى جهدها في مواجهة المشروع لحماية الإعانة التي تحصل عليها من دافعي الضرائب، فقد كانت البنوك تحصل من ذلك المسار على ملايين الدولارات من الأرباح، بالإضافة إلى مئات الملايين من معاشات التنفيذيين المصرفيين.

وحتى زعم الصناعة المصرفية برغبتها في توفير فرص عمل للشباب الأميركي محل شك أيضا، فالحقيقة هي أن «سالي ماي» قد أرسل آلافا من الوظائف في خدمات القروض الأميركية إلى الخارج في عام 2007 لزيادة الأرباح، وقد وافقت على إعادتهم العام الماضي فقط، لكي تستطيع المنافسة في خدمات تقديم القروض.

وقد أصدرت وزارة التعليم أكثر من 187 مليار دولار من قروض الطلاب منذ بدء برنامج القروض المباشرة في 1993، كما أن عدد الجامعات المشتركة في ذلك البرنامج زاد على الضعف، حيث وصل إلى 2300 خلال السنوات الثلاث الماضية فقط، ولا يوجد أي سبب للاستمرار في تقديم تلك الإعانات المبالغ فيها إلى البنوك، فقد أصبح الوقت ملائما للانتقال الكامل إلى الإقراض المباشر.

وما زال الاقتراح الذي تقدم به الرئيس - الذي حصل على موافقة مجلس النواب، وما زال في انتظار أن يبت فيه مجلس الشيوخ - يمثل الخليط المثالي للاستثمار العام والإدارة المعتمدة على السوق. فعبر الإقراض المباشر، سوف نحصل على استفادة أكبر من أموال دافعي الضرائب، فيما يمكننا استغلال التنافسية وخبرة القطاع الخاص في تحسين خدمة العملاء.

*وزير التعليم الأميركي

*خدمة «واشنطن بوست»