بلحاج زعيم المتطرفين

TT

علي بلحاج نائب رئيس جبهة الإنقاذ الجزائرية المحظورة، دعا إلى تغيير الأنظمة العربية قبل تحرير فلسطين. طبعا لم يقل كيف، ولا متى، ولم يشر إلى فشله في تغيير النظام الجزائري، الذي لم يدخر وسعا في التحريض عليه وقتاله.

ولهذا الرجل المهووس بالتطرف أتباع مخلصون يحبون أن يعظموه، فيضفون عليه ألقاب القدسية، يسمونه «الإمام المجاهد» و«ابن تيمية العصر». ورغم مرور اثنين وعشرين عاما على إشكالات زعيم المتطرفين بلحاج، فإن الرجل لم يلن أو يهن، بل صار يهاجم القيادات الإسلامية الذين نشروا مراجعاتهم، أو تراجعاتهم الفكرية ونبذهم للتطرف.

بلحاج لم يكتف بأن جلب الخراب على الجزائر وقضى على رفاقه وحزبهم، بل يريد اليوم أن يصدر نجاحاته التخريبية إلى بقية المنطقة العربية، كما لو أن تغيير الأنظمة السياسية مسألة هينة. للتذكير، فإن الجزائر عاشت نافذة أعطت أملا بإصلاح سياسي من خلال انتخابات عام 88، لكن تسببت تصريحاته وخطبه النارية التي هدد فيها المؤسستين السياسية والعسكرية إلى تدخل الجيش وإلغاء نتائج الانتخابات التي كانت في صالح الجبهة. ومع أن التدخل والإلغاء ووجه بشجب واسع من كل القطاعات فإن بلحاج شخصيا ساعد العسكر في إجهاض الانتخابات، وفرض القمع الذي أعقب الإلغاء. كان بلحاج يصرح علانية بأنه لن يرضى بتداول السلطة بنظام الانتخاب بعد الفوز، ووصف النظام بالكافر. بعدها حظرت الجبهة واعتقل قادتها، وحمل أتباعه من المتطرفين السلاح، وشهدت البلاد مقتل عشرات الآلاف، أكثرهم مدنيون أبرياء. وقد بلغ المتطرفون في مشروعهم الفكري إلى حد اعتبار معظم شرائح المجتمع، لا الحكومة فقط، خارجة على الدين ويجوز قتالها، وولغوا في الدم، باستهداف مدارس البنات والمؤسسات المدنية. وكان فكر بلحاج مشعل تلك الجماعات المقاتلة. لكن بلحاج وجماعته السياسية، والجماعات السلفية الجهادية، هزموا شر هزيمة، وأصبحوا مكروهين داخل المجتمع الجزائري بسبب فكرهم وجرائمهم.

بلحاج، الذي لم يفلح في حياته إلا في بث الكراهية والتحريض ضد خصومه، يريد تخريب العالم العربي باسم تحرير فلسطين، الطرح نفسه الذي كان يدعيه الرئيس العراقي البائد صدام حسين عندما شن حربه على إيران ثم الكويت. وسبق أن ساند بلحاج الأصولي المتطرف فكر صدام البعثي في احتلال الكويت، بالذريعة نفسها، تحرير فلسطين.

بلحاج يصرخ اليوم داعيا إلى القتال في زمن هزيمة الفكر الأصولي الذي أسقط نفسه بنفسه، ففقد بسبب أقواله وفظائع أعماله جمهوره وتعاطف الناس معه. تلطخت يد هذا الرجل وأمثاله بدماء آلاف الصغار من الشباب الذين راحوا في حروب حرضهم عليها في أحراش الجزائر، أو جندوا للقتال في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن وغيرها.

وهوس بلحاج بالسلطة لم يتوقف قط، سواء باسم فلسطين، أو حتى باسم الديمقراطية، التي كان يحتج عندما تحظر عليه ممارستها، ثم يعود ويحرض عليها، كما صرح: «ونحن نقول إن الديمقراطية، التي يزعمون، خرافة وخدعة، ولعبة لتضليل الشعوب وتغليطها».

[email protected]