الأخ الذي ولد في الصباح الباكر

TT

ترددت في قراءة كتاب جورج حسين أوباما «الأرض الأم». فقد يكون مجرد كتاب آخر، لأخي رئيس آخر، عن الفارق العظيم بين الرئيس والأخ الأصغر. قرأت من قبل سيرة شقيق المستشار الألماني السابق، غيرهارد شرودر، عن حياة في التشرد والفقر. ولكن لا مفاجآت، لا شيء يهز المشاعر. لكن هنا، جورج أويانغو، ويعني الاسم «الطفل الذي ولد في الصباح الباكر»، لا يحدثنا عن أميركا ولا عن رئيسها، بل عن كينيا وقبائلها. عن أب مزواج قتل مبكرا في سير كينيا الرديء وعن جد لا يعرف عدد أحفاده، وعن جدة طيبة كانت تروي له كل ليلة حكايات القبيلة، التي جاء منها.

قبيلة «لوو»، الصغيرة بين قبائل كينيا. لكن جده كان بين الأثرياء في البلاد. أربعون بقرة كان يملك الجد، عدا البقرات التي كان يمنحها لكل ابنة تتزوج. وكان يملك أرضا يزرعها بالأرز. وغالبا كانت المواسم جيدة. فقد جورج والده، أوباما الأب، عندما كان عمره ستة أشهر. وعاش طفولة سعيدة مع أمه التي تزوجت فرنسيا يعمل في مؤسسة مساعدات فرنسية. كان تلميذا متفوقا ولاعب «رغبي» ناجحا في مدرسة داخلية فوق تلال نيروبي. لكن عندما طلقت أمه زوجها الفرنسي وهو في الخامسة عشرة، تحول إلى حياة التشرد والمخدرات، وانتقل إلى العيش في أحياء الصفيح. وعندما كان في العشرين اعتقل هو وثلاثة من الرفاق الزعران لجريمة لم يرتكبوها وأمضوا في السجن ستة أشهر.

كان ذلك مفترقا في حياته. لقد قرر أن يتولى الدفاع عن نفسه وعن رفاقه أمام المحكمة. وعندما خرج بريئا قرر أن يكون إنسانا آخر. في تلك المرحلة التقى أخاه الأميركي للمرة الثانية، الذي أبلغه بأنه سوف يكون رئيس أميركا ذات يوم. هكذا أراد هو أيضا أن يتحول إلى العمل الاجتماعي في أحياء الصفيح: «لقد أصبح أخي قائد أقوى بلد في العالم. وهنا في كينيا أريد أن أكون قائدا بين أفقر الناس على وجه الأرض».

يعد جورج أوباما الآن لأن تكون له المؤسسة الخاصة التي تحمل اسمه. ويريد أن يمضي وقتا أطول مع أخيه لكي يسمع منه كل ما يعرف عن والدهما، الذي لم يعرفه هو. وبعد خروجه من السجن عاد إلى المدرسة وتخرج بعد خمس سنوات مهندسا ميكانيكيا. لكنه لا يجد معنى للحياة إلا في أحياء «هوروما» الفقيرة «حيث قد يطلب أحد جيراننا قطعة من الحطب أو قليلا من السكر أو قبضة من طحين الذرة».

«يحاول أغنياء كينيا التظاهر بأن لا وجود لأحياء الصفيح. يشعرون بالخجل بسبب الطريقة التي يعيش بها مواطنوهم الكينيون. لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إليّ. طالما قدرت الحياة في الغيتو. طالما قدرت طاقة السكان على تحمل الحياة، مما مكنهم من الصمود والاستمرار. إنهم يهتمون لبعضهم البعض بشكل لا يمكن أن يفهمه العالم الخارجي».