أخيرا.. أوباما على الخط

TT

هل نحن بصدد أن نرى وجها جديدا للرئيس الأميركي باراك أوباما بعد نجاحه التاريخي في فرض مشروع التأمين الصحي الذي عجز عنه كل من سبقه من الرؤساء الأميركيين؟

هذه المرة استدعى أوباما رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لزيارته، وقيل إن نتنياهو كان مع فريقه في الطريق إلى البيت الأبيض يسخرون من احتمال أن يلقي عليهم أوباما محاضرة لوقف الاستيطان، وإنهم سيقولون له أن يشرب من ماء البحر. الصاعقة وقعت على رأس الضيف الإسرائيلي عندما هدده أوباما بأنه ما لم ير تقدما في المفاوضات سيعلن عن خطة للسلام يضع اسمه عليها.

أهناك خطة سلام باسم أوباما؟ أمر لم يسمع به أحد من قبل. كان يخبئ في جيبه خطة تحصر التفاوض، ولا تدع الباب مفتوحا لنتنياهو الذي يريد أن يبدأ من جديد ويساوم على كل شيء في قضايا حسمت في الماضي ليماطل ويضيع الوقت.

ومع أن أوباما خصص مبعوثا يجول في المنطقة، وأوفد وزيرة خارجيته مرات، وقرأ بنفسه بضعة بيانات وخطب يحث فيها العرب والإسرائيليين على التفاوض، فإن كل ذلك، فعليا، لم يوح أبدا بأن الرئيس الأميركي جاد في تحقيق سلام في الشرق الأوسط يترجم وعده بإقامة دولة للفلسطينيين.

خصوم أوباما ليسوا نتنياهو والجماعات اليهودية المتطرفة فقط، بل إنهم موجودون على الجانبين. هناك أيضا حماس، ومن خلفها، بدأت منذ أسبوعين نشاطات على الأرض لتخريب الوضع، وأحدثها العملية التي نفذت أمس، لأنها لا تريد مفاوضات تعزل أطراف المعسكر الإيراني. ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا عندما يذيع أوباما خطته، وستواجه بعنف من قبل المتطرفين الإسرائيليين والعرب. وهنا نتساءل إن كان أوباما قد درس التاريخ الحديث، وهل يدرك أن عليه أن يربط حزام السلامة، لأن خطته ستواجه معارك سياسية وعسكرية هدفها تخريبها أو حرف مسارها؟

إن دخول أوباما على خط التفاوض سيتطلب منه أن يسعى بكل جهده إلى اختصار وقت التفاوض، لاختصار الدماء والفوضى المحتملة، وإفساد مخططات التعطيل. الوقت هنا هو المفتاح للتوصل إلى الحل التاريخي المنشود، ولن يتمكن الوسيط الأميركي من دفع عقارب الساعة إلى الأمام إلا إذا تولى الرئيس أوباما شخصيا إدارة العملية.

نريد أن نرى الوجه الآخر للرئيس أوباما، الحازم الذي لا يمكن تخويفه أو إحباطه، كما فعل في مشروع التأمين الصحي الذي، رغم توقعات الكثيرين بأنه سيتراجع أو يفشل عند التصويت، نجح في فرضه عبر الكونغرس وحقق نصرا تاريخيا، لأنه شخصيا تولى دفة القيادة. والحال هنا مشابه. فلن يستطيع أن يحقق سلاما إلا إذا كان شخصيا يجلس على الطاولة ويضع ثقله في اتجاه فرض خطته على الطرفين، ويستخدم قوته لحماية التفاوض من عمليات التخريب المنتظرة.

[email protected]