الانتخابات العراقية.. هزيمة لفيلق القدس

TT

رغم أنهم أطلقوا الألعاب النارية من أجل الاحتفال بإياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، الذي فاز في الانتخابات الوطنية بفارق ضئيل للغاية، وهو مقعدان اثنان فقط. إلا أنه من المبكر للغاية الحديث عن كيف سيكون علاوي قادرا على تشكيل حكومة التصالح العلمانية التي وعد بها.

بيد أننا نستطيع قول شيء واحد بكل تأكيد، وهو أن الانتخابات كانت بمثابة هزيمة ساحقة لإيران وعميلها الاستخباراتي قاسم سليماني، الذي يقود قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني. أنفق سليماني الملايين في محاولة منه لإيقاف نصر علاوي، لكنه فشل في تحقيق ذلك. ويشير ذلك إلى مطاطية القومية العراقية، والشعور المعادي لإيران، الذي فشلت الأحزاب الشيعية، التي كانت تحكم العراق على مدار الأعوام الخمسة الماضية، في القضاء عليه.

وأطلق سليماني وقوة القدس حملة واسعة النطاق من العمل السري، وفقا لقادة الجيش الأميركي والوثائق الاستخباراتية الأميركية المنشورة. وكان هدفهم الأول هزيمة تحالف «العراقية» بقيادة علاوي، عن طريق استخدام لجنة اجتثاث البعث المدعومة من قبل إيران في شطب أكبر عدد ممكن من المرشحين. واعترض ائتلاف علاوي على العمل التعسفي الذي قامت به اللجنة، لكن سرعان ما حلت قائمة العراقية محل المرشحين الذين تم شطبهم.

وكان الأسلوب الثاني الذي تبنته إيران هو الضغط على نوري المالكي، رئيس الوزراء الحالي، من أجل الانضمام إلى تحالف الأحزاب الدينية الشيعية المعروف باسم التحالف الوطني العراقي. وكان من شأن ذلك أن يضمن النصر، لكن المالكي، الذي يفهم أن الوساطة الإيرانية كانت غير شائعة، قرر في نهاية العام الماضي أن يخوض الانتخابات بمفرده. ويحاول المالكي الآن الانضمام إلى هذه الأحزاب الشيعية، أملا منه في الحصول على النسبة اللازمة من المقاعد لتشكيل الحكومة، وهي 163 مقعدا، لكن ربما يكون ذلك قد جاء بعد فوات الأوان.

أما عن الأسلوب الثالث الذي تبنته إيران، فهو ضخ الأموال لصالح حزبين من الأحزاب الشيعية في التحالف الوطني العراقي الذي كانت تدعمه. وأخبرني قائد عسكري أميركي في شهر فبراير (شباط) أن إيران كانت ترسل 9 ملايين دولار كل شهر للمجلس الإسلامي الأعلى العراقي و8 ملايين دولار كل شهر للحزب السياسي التابع لرجل الدين الراديكالي مقتدى الصدر.

وكانت نتائج الانتخابات بمثابة انتكاسة كذلك بالنسبة لأحمد الجلبي، المدلل سابقا لدى المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وأحد أفضل أصدقاء إيران في الوقت الحالي في العراق. ووفقا لوثيقة استخباراتية منشورة حصلت عليها في شهر فبراير (شباط): «تدعم إيران مساعي اجتثاث البعث التي يقودها أحمد الجلبي بهدف التخلص من المعوقات المحتملة أمام النفوذ الإيراني. كما أن الجلبي مهتم بمساعدة إيران في تأمين الوصول إلى مكتب رئيس الوزراء».

وأشارت الوثيقة إلى أن الجلبي التقى مع سليماني في إيران في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بهدف وضع استراتيجية. وفي ظني لن تُقام أية حفلات للانتصار في مسقط رأس الجلبي في حي المنصور في بغداد الليلة.

وعلى الرغم من انتكاسة إيران في الانتخابات، فإن لديها يقينا بأنها ستحظى بالنفوذ في العراق بغض النظر عن من سيصبح رئيسا للوزراء. بل ويُقال إن علاوي قام بزيارة سرية لطهران قبل الانتخابات من أجل طمأنة القادة الإيرانيين بأنه لن يكون معاديا لجارته في الوقت الذي يسعى فيه لتحقيق السيادة العراقية. بينما تقول مصادر أخرى أنه لم يذهب بنفسه ولكن بعض المحسوبين عليه.