الهداف علاوي.. و«القشاش» نوري!

TT

العجلة تدور بجنون في العراق لتشكيل الحكومة، المالكي يركض وعلاي يهرول، والحكيم يغازل علاوي نكاية بالمالكي، والصدر «يتغنج» على الكل، والأكراد خلف جبالهم يرقبون المشهد بعيون الصقر ووثبة النمر.

إيران تنفث رقاها على وجه العراق حتى لا يفيق بصحوة الوطنية ويخرج من عباءة طهران، تركيا هي الأخرى تنفث رقاها حتى لا تعود معارك الصفويين والعثمانيين التي كانت بغداد مسرحها طيلة قرون، وعينها على حلم الأكراد وهجمة إيران، سورية لا تريد عدوها النزق نوري المالكي، وأخرجت من كنانتها سهم العروبة من جديد فدعمت علاوي، الأردن والسعودية تكرهان أن يقام العراق على إيقاع العازف الإيراني.

ما جرى أن قائمة علاوي فازت على الكل، لكنه فوز مثل عدمه بسبب لعبة التكتلات وأخذ نصف البرلمان زائدا واحدا. المالكي، ورغم ضجيجه وثقته وسيطرته هو ورجال حزب الدعوة على مقاليد الأمور في الحكم، لم يتقبل صدمة الخسارة، وأخذ يتصرف بشكل عصبي، تارة يطالب بإعادة الفرز «اليدوي» لكل الأصوات العراقية، مما يعني عمليا «النوم في العسل»، وتفريغ الزخم الذي نشأ جراء هذا المهرجان السياسي، وتارة يهدد باجتثاث خصومه بحجة أنهم من حزب البعث، لكن ما فات عليه هو أن خصومته ليست مع البعثيين التكفيريين الصداميين.. إلخ.. حسبما يردد المالكي كثيرا، بل خصوماته داخل التيار الشيعي أسخن، مقتدى الصدر لا يطيقه بسبب محاربته له، والحكيم أيضا بسبب نزعة المالكي الاستبدادية، لذلك فإن خصومه من الصدريين وغيرهم يلقبونه بصدام الصغير!

ما زلنا في خضم هذه التفاعلات، والسباق يجري بين علاوي والمالكي لكسب ود الأكراد والصدر والحكيم، وإيران تحاول السيطرة على الإيقاع الجديد، وتركيا وسورية والسعودية والأردن لم تدع إيران تلعب لوحدها هذه المرة. العراق في مخاض عسير، مخاض ديمقراطي، لكن الخشية من أن تنتج لنا ديمقراطية عرجاء، ويستبد التكتل الطائفي بالحكم، أو تنشأ حكومة مشلولة على غرار حكومة لبنان، التي لم ينفعها أن الحريري وتكتله وحلفاءه فازوا بالأغلبية النيابية، فقد أخرج لهم حزب الله لسانه، أو لنقل سلاحه، وقال: «ورقة الفوز بلوها واشربوا ميتها»، كما تقول العامة، فمعي السلاح. وبالفعل كان جنبلاط أول من بل الورقة وشربها في كأس عصير فاخرة بدمشق.

الخشية أن يتحول هذا الأمر إلى العراق، وتصبح نتائج الانتخابات ومعاني الفوز لا قيمة لها، وهنا ربما تنشأ حكومة عليلة لا تحل ولا تربط إلا بعد ألف مناورة ومناورة مع أصحاب بدعة «الثلث المعطل». أو أن ينفض السامر، ويرجع الخصوم إلى لغة البندقية والسلاح، وهذا إذا كان غير ممكن بالنسبة لجمهور 14 آذار في لبنان، فإنه ممكن جدا، وسبق أن حصل، بالنسبة لخصوم المالكي من الجماهير.

يستحق العراق أن يكون نموذجا جديدا وليس نسخة مشوهة مما جرى في لبنان، وتصبح إيران له كسورية للبنان، الراعي الرسمي!

[email protected]