خطة أوباما للشرق الأوسط

TT

قال اثنان من كبار مسؤولي الإدارة إن الرئيس أوباما «يدرس بجدية» اقتراح خطة أميركية لتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. واستطرد أحد المسؤولين موضحا أن الجميع يدركون الخطوط العريضة الأساسية لأي اتفاق سلام، مشيرا إلى أنه تم التوصل تقريبا إلى اتفاق في كامب ديفيد عام 2000 وخلال المفاوضات التالية. وأعرب عن اعتقاده بأنه في حال طرح خطة أميركية، فإنها ستبنى على التقدم الذي سبق إحرازه على صعيد قضايا مثل الحدود و«حق العودة» للاجئين الفلسطينيين ووضع القدس.

أما المسؤول الثاني البارز فقال إن «90% من الخريطة ستبدو تماما» مثلما سبق الاتفاق عليه في مفاوضات سابقة. وشرح المسؤول أن خطة السلام الأميركية سيجري ربطها بقضية مواجهة إيران، التي تشكل الأولوية الأولى بالنسبة لإسرائيل. ووصف القضيتين بأنهما شقان لمشكلة استراتيجية واحدة، وقال: «نرغب في تحويل دفة النقاش بعيدا عن المستوطنات والقدس الشرقية ورفعها لمستوى 30.000 قدم بحيث تضم الأردن وسورية ودولا أخرى بالمنطقة»، علاوة على الإسرائيليين والفلسطينيين.

ومضى المسؤول الثاني في حديثه قائلا: «التعامل التدريجي لم يفلح. ولا يمكن للولايات المتحدة السماح ببساطة للمشكلة الفلسطينية بالتفاقم - مما يعزز موقف إيران والعناصر المتطرفة الأخرى. باعتبارنا قوة عالمية تتحمل مسؤوليات عالمية، علينا فعل شيء حيال ذلك». وأردف بأن الخطة «ستتعامل مع المتطلبات المطلقة للأمن الإسرائيلي ومتطلبات السيادة الفلسطينية على نحو منطقي». ويدرس البيت الأبيض عقد محادثات مفصلة تضم وكالات مختلفة لصياغة الإطار العام للاستراتيجية الأميركية في هذا الصدد وبناء إجماع سياسي حولها. وشبه المسؤول الثاني العملية بالمراجعة التي تمخضت عن استراتيجية أوباما تجاه أفغانستان وباكستان. وذكر أن الإدارة بمقدورها إطلاق مبادرة الشرق الأوسط رسميا هذا الخريف.

الملاحظ أن اهتمام البيت الأبيض بطرح خطة سلام تنامى في الشهور الأخيرة، لكنه تسارع بعد الصفعة التي تلقاها بإعلان الجانب الإسرائيلي في 9 مارس (آذار)، أثناء زيارة جو بايدن، نائب الرئيس، بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية. وقد شرع المسؤولون الأميركيون في البحث عن سبل أكثر جرأة لتناول المخاوف والاهتمامات الإسرائيلية والفلسطينية، بدلا من المضي قدما في نفس النقاشات القديمة العقيمة. وتبلور اهتمام أوباما بالقضية خلال اجتماع عقده داخل البيت الأبيض في 24 مارس (آذار) مع ستة من مستشاري الأمن القومي السابقين. كانت المجموعة تعقد اجتماعات غير معلنة كل بضعة شهور بناء على طلب من الجنرال جيم جونز، الذي يتولى حاليا هذا المنصب. خلال اجتماع عقد منذ أسبوعين، تناولت المجموعة عددا من القضايا العالمية على مدار قرابة ساعة قبل أن يدخل أوباما حجرة الاجتماع ويستفسر عما يدور في أذهان الحاضرين.

وتشير الأقاويل أيضا إلى أن ساندي برغر وكولين باول، اللذين شغلا منصب مستشار الأمن القومي، أعربا عن تأييدهما لاتخاذ توجه جديد. ومن الواضح أن اثنين آخرين من الحضور، وهما فرانك كارلوتشي وروبرت سي. مكفارلين، من عهد ريغان، شاركا في وجهة النظر تلك.

من شأن إقرار أوباما لخطة سلام جديدة تبديل مسار الاستراتيجية الأولى للإدارة التي قامت على محاولة استخلاص تنازلات من جانب الإسرائيليين والفلسطينيين، مع طرح واشنطن «مقترحات وسطى» في وقت لاحق. لاقت هذه العملية، المعتمدة على التحرك خطوة تلو الأخرى، تأييدا من جانب جورج ميتشل، المبعوث الخاص للرئيس في الشرق الأوسط، والذي ساوره اعتقاد بأن توجها مشابها كان له الفضل في تحقيق الإنجاز الذي شهدته محادثات السلام في أيرلندا الشمالية. وتنبئ مسألة دراسة أوباما لطرح خطة سلام عن تنامي ثقته في جونز، الذي عكف على دراسة هذا التوجه خلال العام الماضي. لكن يبقى المخطط الاستراتيجي الرئيس هو أوباما نفسه. وإذا ما اتخذ أوباما قرارا بإطلاق عملية سلام، فإن ذلك سيشكل عودة إلى الأهداف الطموحة التي تناولها الرئيس في خطابه في القاهرة في يونيو (حزيران) 2009. ومن المحتمل أن تندلع معركة سياسية قريبا، مع اعتراض المسؤولين الإسرائيليين وأنصارهم داخل الولايات المتحدة على ما يخشون أنه سيمثل محاولة أميركية لفرض تسوية، وسيدعون للتركيز على إيران بدلا من ذلك. أما موقف البيت الأبيض حيال هذا الأمر فعبر عنه أحد كبار مسؤوليه بقوله: «الأمر ليس إما إيران أو عملية السلام في الشرق الأوسط، وإنما عليك التعامل مع كليهما».

*خدمة «واشنطن بوست»