الأكبر والأصغر (إلى ما لا نهاية)

TT

هناك حقائق في أنفسنا وفي هذا الكون من حولنا، كلما عرفناها وتبصرنا بها، زادتنا اندهاشا وإيمانا.

فلو أننا تخيلنا أن النظام الشمسي بكامله هو بحجم مدينة القاهرة، لكان حجم الشمس بحجم برتقالة من «أبو سرة»، ولكانت أقرب نجمة إلينا في هذا الكون الشاسع تقع على بعد عشرة آلاف كيلومتر، أي في مدينة نيويورك.

وإذا أردتم أن تعرفوا حجم (أمكم) الأرض «لتفاخروا» بها بين أمم الكواكب، فاعلموا رحمكم الله، أن كوكب المشتري - وهو الأخ الأكبر من كواكب المجموعة الشمسية - لو فرغناه لاتسع لألف وأربعمائة كوكب بحجم الأرض.. أما لو وضعنا أمنا الأرض (القزمة) في جراب جدتنا الشمس (العملاقة) فقد لا يكفي لامتلاء بطنها مليون وثلاثمائة ألف كوكب بحجم الأرض.. ولكن على رسلكم ولا تأخذكم العزة كثيرا بجدتكم الشمس. فهي لو وضعناها في بطن نجمة كـ«بتلجوز» لهضمت معدتها سبعة وعشرين مليون نجمة بحجم الشمس (دفعة واحدة).

فعن أي اتساع نحن نتحدث، عن أي كبر، عن أي بعد، عن أي حجم؟!

فكلما كبر اتساع علمنا واتساع رؤيتنا، ازداد الكون اتساعا من حولنا في جميع الاتجاهات، إلى درجة أن كل كبير مهما كبر هناك ما هو أكبر منه، وبالمقابل فكل صغير مهما صغر هناك ما هو أصغر منه.. وكأن الأحجام قد تساوت فيما يرمز له بالوصول إلى ما لا نهاية.

ولكي لا نروح بعيدا تعالوا «نتفكر» في أنفسنا وفي ترابنا: إن كل سنتيمتر مربع من جلد الإنسان - أيا كان هذا الإنسان سواء كان «أوباما» بكل ما عنده من سلطة وصحة، أو كان أحد اللاجئين من رواندا بكل ما عنده من فقر ومرض - يحتوي على ثلاثة ملايين خلية تتوالد وتحيا وتموت، كما أن الإنسان عندما يطأ التراب بقدمه، فتحت أثر هذه القدم من التراب الذي لا يزيد على مائة غرام: من الكائنات ما يشكل ثلاثمائة وثلاثين مليونا من البكتيريا، وعشرات الملايين من الأشنات والفطر، ومائة مليون من الحيوانات الوحيدة الخلية.

ولو سألني سائل (فتك): هل عددتها؟! لا شك أنني سوف «أهز أكتافي» وأقول: لا، قرأتها.. وأنا في هذه الحالة لا أختلف عن ذلك «الحارس أو الدليل» في أحد المتاحف الأثرية، عندما أخذ يشرح للسياح عن أحد التماثيل وقال: إن عمر هذا التمثال ثلاثة آلاف واثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام، فقال له أحد السياح: «اشمعنى اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام»، فقال الحارس: «هذه هي مدتي في عملي هذا الذي عندما تسلمته قالوا لي إن عمر التمثال ثلاثة آلاف سنة».. أختم كلامي بلا إله إلا الله محمد (صلى الله عليه وسلم) رسول الله.

[email protected]