ماذا تحت القبب؟!

TT

هناك مثل شعبي متداول يقول: «يشوفون القبة يحسبونها مزارا»، وهي بالطبع ليست كذلك..

وهذا المثل يقودنا للسؤال التالي: هل كل من ادعى «المشيخة» أصبح قطعا رجلا فاضلا؟!.. وهل حتما أنه تحت كل قبة لا بد أن يرقد رجل صالح؟!.

إنني بالطبع أشك في ذلك جدا - خصوصا أنني من تلاميذ «ديكارت» النجباء..

ومن خلال «نعبشاتي» التي لا تتوقف في الكتب الصفراء، وقفت على هذه الحادثة في كتاب «رسائل الحكمة»، عن شخص اسمه عثمان، وسمي فيما بعد بـ«المُحلّى» للبسه الحلي، واسم امرأته «زين العرب»، وهي مشبهة بالأرنب، كنيته «أبو الخير»، وهو من أكابر قريته في مصر، وصار من مشايخ البلد، وصبر على المحنة وتحمل المكاره والصعوبات، ثم هاجر إلى الشام واستهوته الدنيا، ولعب إبليس بعقله، فبطر بالنعمة ومال للشهوات وحب الزينات.. أتاه يوما الشيخ «مسلمة» ورآه على هذا الحال يسكر مع رفاقه، ثم ذهب مسلمة وكتب إلى بهاء الدين في مصر يخبره بما آل إليه عثمان.

وأرسل بهاء الدين لـ«المُحلّى» توبيخا مع رجلين من خدمه، لكنه أبى تسلمه.

وجاء في الرسالة التوبيخية تفنيد لفكره «التعبان» الذي حاد عن الصواب، ومنه:

«إن من ترهاتكم: إذا كانت الدنيا دار عبادة، فلِمَ مكّن الكافر من خيرها ومنع المؤمن من نيلها، وهو مضطر إليها، وبها قيام أوده، وبها يستعين على قوة صورته، ويستعملها في طلب دينه وفائدته؟ فإن احتج بأنها من فعل الأفلاك، قيل له: هل هذه الأفلاك عالمة أم جاهلة؟ فإن قال هي جاهلة بأفعالها، قيل له فما يزيد دورانها بما يحدث عنها ويظهر منها نصيب عند غير عارف مجيب، تغرف عليه من بركاتها، وتفيض عليه من خيراتها، فإن اعترف بأن لها محركا ومدبرا وهو عراف بصنعته وخبير، لا يدور فلك إلا بإرادته، ولا يقف إلا بمشيئته، فليقم هذا المسؤول في ذلك موجب الإنصاف والعدل... وإنك يا عثمان لفي ضلال مبين، فارجع عن غيك ليتوب الله عليك».

غير أن عثمان (المُحلّى) ضرب عرض الحائط بكل هذا الكلام، وبعد فترة عاد إلى قريته في مصر ففرحوا به لأنهم يخبرون تقواه وصلاحه قديما، ولم يعرفوا شيئا عن مجونه في الشام، وما هي إلا فترة وجيزة حتى توفي، وبنى القوم هناك على قبره قبة يزورونها ويتبركون بها في المواسم إلى وقتنا الحاضر.

والله وحده هو الذي يعلم ما تحت القبب من أسرار وحقائق.

(ياما تحت السواهي دواهي)!!

[email protected]