معركة الاختلاط

TT

منذ أن أطلق الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي، مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، آراءه حول الاختلاط، وما أعقبها من حملات وتعقيبات، وأنا أتطلع إلى مشاهدة حوار علمي مباشر يجمع الدكتور الغامدي مع عالم أو أكثر من علمائنا، وسرني كثيرا أن قامت قناة «اقرأ» بهذه المبادرة، فجمعت عبر برنامجها «البينة» بين الدكتور الغامدي، وكل من الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحمدان، والدكتور محمد بن يحيى النجيمي في حلقة بعنوان «نساء المؤمنين ومعركة الاختلاط». وقد حرصت أن أشاهد الحلقة، وأن أدعو لمشاهدتها الكثير من الأصدقاء والأقارب، لمعرفتي بأن المسألة المثارة تستحق المتابعة، والاستفادة من نتائج الحوار، وما ينتهي إليه، ولكن أستطيع أن أقول إنها «فرحة ما تمت»، فقد وقع مقدم البرنامج الذي أدار الحوار، الدكتور عبد الله هضبان في أخطاء مهنية تتصل بإدارة الحوار، حينما انحاز كليا إلى إحدى دفتي الحوار، متخليا عن الحيادية التي ينبغي أن يلتزم بها مهما كانت قناعاته، خاصة أن المتحاورين في الناحيتين لم يكونوا في حاجة إلى «فزعة» المحاور، فثمة ثقل علمي يتمتع به المتحاورون، ومما أسهم في عدم وصول الحلقة إلى نتائجها المرجوة تركيز مقدمها على أن تكون ساخنة، وتغليب عنصر الإثارة أو التسخين إن كان مطلوبا في البرامج الرياضية والسياسية وغيرها، فهو ليس مطلوبا في ذاته في البرامج الحوارية الفكرية، خاصة حينما يكون موضوع الحلقة دينيا، ويكون المتحاورون على درجة من النضج، والعلم، وآداب الحوار، فهنا ينبغي على المحاور الإسهام في تعزيز الأجواء المشجعة على النقاش العلمي المتزن، والملتزم بوقار العلم والعلماء، كما أن فتح باب المشاركة الهاتفية المعد لها سلفا أسهم في تقطيع أوصال الحوار، وبعثر أحشاءه.

وأنا والكثيرون غيري تطلعوا إلى هذه الحلقة لينتصروا للحقيقة العلمية التي يسفر عنها النقاش، حتى وإن كانت لبعض المشاهدين قناعاتهم المسبقة، فإن من شأن هذه الحوارات أن تزيد تلك القناعات يقينا أو تحفز على مراجعتها وتقييمها.

وما كنت لأكتب عن تلك الحلقة لولا أن مقدمها وعد المشاهدين بجزء لاحق لها في الأسبوع القادم، لذا تمنيت أن تكون الحلقة القادمة أكثر توازنا وحيادية وإيجابية مما آل إليه حال الحلقة الماضية، ولأخي هضبان وبرنامجه أمنيات بالتألق.