وصرخ المخرج: استوب!

TT

عندنا مثل شعبي يقول: «طباخ السم يذوقه» - أي حتى لو كان الطباخ يطهو سما فلا بد أن يتذوقه.. إلا في حالة ملكة مصر السابقة كليوبطره. ومأساتها وغرامياتها ومعاركها الحربية وزواجها من أخيها ثم قتلها له.. وغرامياتها مع قادة الرومان الواحد بعد الآخر..

وكيف أنها أنهت حياتها بيدها.. ويقال إنها انتحرت بالسم. ويقال إنها أتت بأفعى لتلتف حول عنقها وتلدغها.. ويقال إنها تجملت طويلا كأنها تريد إغراء الموت نفسه حتى يعدل عن قبض روحها.. ثم ماذا قالت قبل أن تسكت وإلى الأبد.. وبماذا نصحت ومن نصحت! وكيف أن نصائحها لم تكن في الغرام والحب والزواج والطلاق.. وإنما كانت نصائح في كسب المعارك الحربية..

وتشاء الصدفة أن أرى فيلم كليوبطره وهم يصورونه في مصر.. في الإسكندرية، وكانت البطلة إليزابيث تايلور والبطل فتاها وعاشقها وزوجها بعد ذلك ريتشارد برتون.. ثم رأيت كيف تم تصوير دخول كليوبطره روما.. وكان شيئا لا يتصوره العقل في الفخامة والأبهة.. وكيف أن هذا المشهد الذي استغرق دقائق في الفيلم قد تكلف عشرات الملايين.. وأعجب من ذلك كيف أن هذا المشهد قد أعيد تصويره كله. لسبب يراه المخرج شيئا خطيرا مفسدا لكل روح الجد والمأساة في الفيلم.. فقد نظرت كليوبطره فوجدت بين المتفرجين حينها ريتشارد برتون فغمزت له بعينها.. فصرخ المخرج: استوب!

ووقف المشهد وأعيد كله بعد سبعة أشهر؟!

ولم تشأ كليوبطره أن تذوق السم الذي كانت تعده لنفسها.. وإنما أتت بثلاثة من العبيد والتفت الأفاعي حول أعناقهم، فماتوا بعد لحظات..هنا اطمأنت كليوبطره أن عذابها لن يطول وأن جمالها سوف يبقى بعد الموت..عاشت ملكة وماتت ملكة. ذهبت الروح والأبهة وبقي الجمال المسجى أمام عرش مصر!