إيران.. نزيف مستمر

TT

على مدى عشرة أيام من التنقل ما بين الرياض، ودلهي، ثم مومباي، والبحرين، ودبي، كان النقاش الحاضر هو عن إيران؛ هل ستضرب، وما هي قدرتها على الصمود، وخلافه. المؤكد هو أن إيران في نزيف مستمر، خارجياً وداخلياً؛ فالنظام معزول، وليست لديه أرضية صلبة داخلية يقف عليها. ومحق نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عندما اعتبر نظام طهران هشاً، وأنه «أكثر عزلة من أي وقت مضى أمام شعبه، وفي المنطقة». والأمثلة كثيرة.

إيرانياً ها هو مير حسين موسوي يقول إن النظام في أزمة، وها هي الاستخبارات الأميركية تحول إيران إلى مسرح حيث تخترقه لتطبيق ما يسمى بعملية «نزيف العقول» من خلال تهريب العلماء، والحصول على معلومات بدأت تتدفق بشكل كبير من داخل طهران، وبعضها يظهر الارتباك الداخلي مثل الكشف عن أن الاستخبارات الإيرانية قد قامت بتفتيش منزل مسعودي علي محمدي، المتخصص في الفيزياء، وجمعت منه وثائق وملاحظات، قبل أن يغتال في اليوم التالي، حيث اتهمت طهران عملاء غربيين وإسرائيليين بالوقوف خلف اغتياله!

أما خارجياً، فتكفي ملاحظة علاقات النظام بدول المنطقة، والغرب، والمنظمات الدولية. فالعقوبات قادمة قريباً، ويبدو أنها ستحمل طابعاً متشدداً، ويكفي الانتباه لسيل من التحذيرات الغربية لإيران. وعربياً، ها هو الشيخ عبد الله بن زايد يرد على الرد الإيراني حيال تصريحاته حول احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، والتي اعتبر فيها أن الاحتلال الإيراني لها شبيه بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. واللافت أن رد الشيخ عبد الله على الرد الإيراني جاء من رام الله، ولذلك دلالات مهمة؛ أبرزها أن العرب باتوا يتحركون على الأرض الحساسة بالنسبة لإيران، والمقصود هنا القضية الفلسطينية، التي تمثل أهم كروت اللعبة الإيرانية في المنطقة، كما يجب ألا نغفل تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الإيجابية عن دمشق، والسلبية تجاه طهران، من لبنان، حيث معقل حزب الله الإيراني!

كما أن عزلة إيران، واستمرار نزيفها، يتضح من محاولة طهران لالتقاط كل شاردة وواردة لإظهار تماسك تحالفاتها في المنطقة، خصوصاً بعد تلقيها ضربتين موجعتين وهما الانتخابات اللبنانية والعراقية، وأبسط مثال هنا هو بث وكالة أنباء رسمية إيرانية قبل أيام لتصريحات نسبت للرئيس السوري حول علاقات طهران بدمشق، إلا أن اللافت هو أن الإعلام السوري لم ينقل شيئاً من تلك التصريحات!

وخطورة النزيف الإيراني على نظام طهران تتلخص فيما رواه لي مسؤول عربي، نقلا عن مسؤول عربي آخر لديه علاقات جيدة مع طهران بعد الانتخابات الإيرانية الرئاسية وخروج المظاهرات ضد نجاد، والمرشد الأعلى، إذ يقول المسؤول إن حكام إيران، ومرشدها، باتوا كالأسد الجريح، وإن في ذلك خطراً على الجميع، معتبراً أن إيران لن تعبر هذه المرحلة بسلام. وهذا كلام دقيق، إذ يتضح اليوم أن إيران تنزف بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى السقوط الكبير، أو إلى الاندفاع في مهالك الخطأ الفادح، ولا فرق بين الاثنين؛ فـ«من لم يمت بالسيف مات بغيره»، كما يقول الشاعر العربي!

[email protected]