هل على سورية أن تجرب؟

TT

توعد النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي إسرائيل في حال هاجمت سورية أو لبنان، حيث قال في دمشق: «من يفكر في الاعتداء على سورية ولبنان.. هذه المرة ستقطع أرجلهم بمقدار ما يعتدون». والسؤال: هل على السوريين أن يجربوا الحرب مع إسرائيل ليتأكدوا من مصداقية إيران؟ قبل الإجابة لا بد من رواية قصة طريفة تنطوي على الكثير.

فأثناء الجهد المكثف الذي بذله الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون من أجل تحقيق سلام بين سورية وإسرائيل قال أحد المتفائلين، وبناء على تصريحات لكلينتون وقتها، بأن السلام بات قريباً بين دمشق وتل أبيب، فرد عليه الكاتب المميز علي سالم بالقول: «مستحيل»، فرد المتفائل قائلا: «حضرتك تفهم سياسة أكثر من كلينتون؟»، فأجاب الكاتب علي سالم: «لا.. أنا ما افهمش سياسة زي كلينتون، بس أفهم لكاعة أكثر منه»! وبالطبع لم يتحقق السلام. وعطفاً على ما قاله الكاتب سالم، نقول إن ما قاله النائب رحيمي عن أن إيران ستدافع عن سورية ما هو إلا بيع للوهم، وضحك على الذقون.

فلم يطلق الإيرانيون رصاصة ضد إسرائيل، أو صاروخاً، عندما عربد الإسرائيليون في لبنان عام 2006، وحتى بعد أن خرج حسن نصر الله قائلا إن على من يحب لبنان أن يوقف هذه الحرب، كما لم تطلق إيران صاروخاً على إسرائيل يوم هاجمت غزة، بل تم تحذير الإيرانيين من مغبة التدخل بحجة أن لا حدود مع إسرائيل، رغم أن طهران دائماً ما تتباهى بصواريخها. ولا أعتقد أن المرء في حاجة للتذكير بأن إيران أيضاً قد فتحت أجواءها للأميركيين إبان غزوهم الأخير للعراق، وهذا ليس بسر، فقد صرح الرئيس الإيراني من قبل متذمراً من أن الأميركيين يتنكرون لما قدمته إيران من مساعدات لهم في العراق وأفغانستان!

فهل بعد كل ذلك سيصدق السوريون كلام النائب الأول للرئيس الإيراني، أو تنطلي عليهم حيل طهران؟ لا أعتقد! وبكل تأكيد أن دمشق تجيد أيضاً فن «اللكاعة» السائد في منطقتنا، حيث لا سياسات واضحة، ناهيك عن انعدام المصداقية؛ فدمشق التي تحدث فيها النائب الأول للرئيس الإيراني عن التكامل الاقتصادي بين دمشق وطهران، هي نفسها دمشق التي نصحت عمرو موسى بالتريث تجاه فكرة محور دول الجوار، وهي نفسها التي تحتفي بتركيا اليوم، بل وقامت بمناورات عسكرية معها قبل أيام، وها هو معاون نائب الرئيس السوري يقول إن «سورية وتركيا تتطلعان إلى بناء أوثق العلاقات والتعاون في جميع المجالات تمهيداً لبناء تكتل إقليمي جديد بيد أبنائه الذين يشتركون بروابط تاريخية وجغرافية». بل ونجد دمشق تريد التفاوض مع إسرائيل، وتهاجم العرب الذين يدعمون تفاوض الفلسطينيين مع الإسرائيليين في نفس الوقت. ولذا، فمع وزيرة الخارجية الأميركية كل الحق حين قالت إن التصريحات الصادرة من سورية قد تعني الحرب، وقد تعني السلام! ولذا فلا بد اليوم من أن نعيد طرح السؤال الذي طرحناه كعنوان مقال في 27 فبراير (شباط) 2010، وهو: «سورية وإيران.. من يخدع من؟».

[email protected]