الرواية ونظرية حك الظهر!

TT

ليس ثمة شك في أننا نعيش زمن الرواية، ولا فرق بين أن يكون هذا الزمن وصل إلينا متأخرا نسبيا أو أننا وصلنا إليه بعد الآخرين، فالمهم أننا نعيشه اليوم حقيقة، حيث نحتاج إلى هذا الفن الجميل الذي يجد فيه الموهوبون متسعا لطرح هموم عصرهم، وأحوال مجتمعهم، يستنطقون عبره شفاه الصمت، ويزيحون دثار المكنون.

فلقد أفضى التأسيس الروائي العربي في القرن العشرين على يد روائيين أمثال: نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، والطيب صالح، وحنّا مينا، ومحمد شكري، وصنع الله إبراهيم، ورجاء عالم، ورؤوف مسعد، وغيرهم إلى أن يشهد العقد الأول من الألفية الجديدة تحولا واضحا في ذائقة المتلقي العربي تجاه الرواية، باعتبارها الفن الذي كسر الاحتكار النخبوي للقراءة الأدبية بما يفترض أن يتيحه من تعددية في مستويات القراءة، ودرجات الإدراك. ففي الرواية يرى الكثيرون واقعهم اليومي، وحياتهم المعاشة ماثلة أمام عيونهم، فلا يستشعرون الغربة التي يحسونها أمام الأجناس الأخرى.

وقد أسهم هذا المناخ الروائي في ظهور وتألق عدد من الروائيين السعوديين أمثال: صديقنا «البوكري» الرائع عبده خال، ورجاء الصانع، وعبد الله بن بخيت، وعبد الله ثابت، ومحمود تراوري، وغيرهم، لكن ما تواجهه الرواية العربية الحديثة بصورة عامة يتمثل اليوم في طغيان الكم، وزحمة الأسماء، بعد أن استسهلها الكثيرون، بعيدا عن اشتراطاتها الفنية، ومضامينها الفكرية، ودلالاتها الرمزية، حتى غدت مسألة البحث عن الروايات الجيدة في معروض دور النشر العربية مسألة ليست سهلة في زحمة العناوين المثيرة والأغلفة البراقة، والأسماء «الملمعة».

وللروائي الجميل رؤوف مسعد تعليق على مقال سابق لي في هذه الصحيفة، حول حيرة القارئ العربي، يقول فيه: «هناك بعض النقاد يروجون لكتب لم يطالعوها في الأغلب، وبعض الصحافيين الذين يعملون بنظرية حك الظهر المتبادل» إلى أن يقول: «نريد اختراع مقياس جودة مثل البضائع الاستهلاكية، ينطبق على النقاد وحكاكي الظهور، والروايات والكتّب بالطبع».

ويبقى السؤال هل ستصمد الرواية العربية الحديثة في مواجهة الزمن كما صمدت أعمال عربية سابقة، لم يزل النقاد يجدون فيها جوانب تستحق الكشف والتأمل كبعض روايات توفيق الحكيم ونجيب محفوظ؟

[email protected]