الرجل الجائع رجل غاضب!

TT

وأنا أيضا غاضب.. أملي أن تعربوا أنتم أيضا عن غضبكم بعد قراءتكم لهذا المقال.

في يومنا الحاضر نشهد مأساة بشرية ذات أبعاد واسعة النطاق لا يعير رجال السياسة اهتمامهم بها.

نحن الآن في عالم يُنفق أكثر من تريليون دولار في السنة على التسليح، بينما ينام مليار إنسان جائعين كل ليلة.. فقد ارتفع عدد الذين يعانون الجوع وسوء التغذية بأكثر من 100 مليون إنسان في العام الماضي.

ففي كل 6 ثوان يموت طفل واحد في مكان ما من هذا العالم نتيجة الإصابة بمرض من الأمراض ذات الصلة بالجوع. وهذا يعني أن أكثر من 5 ملايين طفل يموتون جوعا كل سنة.

وهذا الحال يثير غضبي.. لذلك سأصرخ بالصفارة لأن الحقيقة القائمة أمامنا هي أن ما فعله زعماء العالم في غضون العقود الثلاثة الأخيرة ما هو في الواقع إلاّ أقل من اللاشيء.

ومنذ منتصف الثمانينات وبدلا من أن يزداد حجم المساعدات الدولية لقطاع الزراعة في البلدان النامية بما يُسهم في مساعدة الفقراء على تأمين غذائهم، انخفضت تلك المساعدات إلى أقل من النصف أي بنسبة 43 في المائة.

وبإمكانكم القول إن قادة العالم يتحدثون على الأقل في يومنا الحاضر عن المشكلة حين يضعون مسألة الجوع على جدول أعمالهم في مؤتمرات القمة والاجتماعات رفيعة المستوى وبصورة منتظمة.

وصحيح القول إنهم يصدرون بين صورة وأخرى تصريحات رنانة يتعهدون فيها بأن ثمة إجراءات مبكرة وحاسمة.. ولكن دعوني الآن أصرخ مرة أخرى بالصفارة!

وفي مدينة لاكويلا بإيطاليا كان زعماء مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى قد تعهدوا باستثمار 22 مليار دولار في غضون 3 سنوات لمساعدة البلدان النامية على إنتاج الغذاء الذي تحتاجه شعوبها. ولكن بعد مرور 10 أشهر ورغم المساعي الجادة لمراقبة الالتزامات وتأسيس صندوق عالمي للزراعة والأمن الغذائي لدى البنك الدولي، كم يا ترى وصل من ذلك المبلغ الموعود إلى صغار المزارعين في البلدان الأقل نموا؟.. بالكاد لا شيء!

لقد حصل ذلك لأن الكلمات هي أرخص من الفلوس. فالناس لا يمكنها أن تأكل الكلمات إن صح القول.. ولكن إذا كان بمقدورهم أن يفعلوا ذلك فإن مليارا من البطون الخاوية ستصبح الآن ملأى..

وعلى مدى سبعة عشر عاما كنت أناقش القادة وقد ناشدت وسلطت الأضواء على مخاطر الغليان كما شهدنا في الفترة 2007/2008 حالات شغب بسبب الغذاء في 32 بلدا. غير أن الجوع لا يزال في حالة تصاعد، لذلك قررت الآن أن أصرخ بالصفارة.. فأنا بحاجة إلى دعمكم لذلك فإني بحاجة إلى صرختكم بالصفارة أيضا.

وفي هذا اليوم الذي ينطلق فيه «مشروع المليار جائع» في مختلف أنحاء العالم سيصرخ الآلاف ويعربون عن غضبهم بواسطة الصفارات الصفراء اللون.. وستظهر الرايات الضخمة التي تقول «أنا مجنون مثل جهنم» فوق المباني وعلى وسائط النقل العام في مراكز المدن. كما سيتم نشر فيديو مُحبط على الإنترنت.

أريدكم أن تصرخوا بصفاراتكم كي تنبهوا الناس إلى حقيقة واحدة هي أن في هذه اللحظة هناك مليار إنسان يعانون الجوع وما بين 20 إلى 30 طفلا يموتون بينما تقرأون هذه المقالة أريدكم أن تصرخوا بصفاراتكم لكي تقولوا إن الحالة لم تُعد مقبولة على الإطلاق وإنكم تريدون إيقافها الآن.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) القادم سأتوجه إلى نيويورك لحضور قمة الأمم المتحدة المعنية بالأهداف الإنمائية للألفية، حيث من المقرر أن تجري مراجعة التقدم الذي تم إحرازه باتجاه تلك الأهداف التي تبنتها الأمم المتحدة في عام 2000. والهدف الأول من بين تلك الأهداف هو خفض نسبة الجياع فوق كوكب الأرض إلى النصف بحلول عام 2015.

ومن حيث الأرقام، من البساطة بمكان أن تحتسب العدد نظريا وتصل إلى نسبة النصف، ولكن سرعان ما تنتهي برقم أكبر من العدد الذي بدأت به. ولهذا السبب لا يزال النمو السكاني في العالم يرتفع بنحو 80 مليون نسمة سنويا وربما وبشكل لا يدعو إلى المفاجأة أن الناس لا يمثلون أي بُعد.

إن ما يهمني قوله هنا هو كيف أن هناك عددا كبيرا من الجياع، وكيف أن عدد الأطفال الذين يموتون جوعا كبير جدا أيضا.

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي 2010 سأصطحب معي العريضة الخاصة «بمشروع المليار جائع»، إلى قادة العالم وذلك عن طريق الأمم المتحدة في نيويورك لكي أقول لهم كفانا عيشا في عالم الجياع..

ولكي ألفت انتباه القادة إلى تلك العريضة فإنه يتعين علي أن أقدم على الأقل مليون توقيع على العريضة المذكورة.. وأملي أن تعربوا عن غضبكم وسخطكم ولذلك فإني أطلب منكم أن تضعوا اسمكم على تلك العريضة أيضا.

وبالإمكان التوقيع على العريضة من خلال الموقع التالي: www.1billionhungry.org

* المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة