تعلم فن الخطابة بنادي «التوستماسترز»

TT

الأميركيون يخافون من التحدث أمام الآخرين أكثر من خوفهم من الموت! هذا ما أظهرته دراسة مهمة نشرتها صحيفة «الصنداي تايمز» وتبعتها دراسات عديدة تؤكد هذه الحقيقة المرة لدى معظم الناس. هاجس الخوف من التحدث أمام الناس حسب الدراسة هو السبب الأول الذي يخيف الأميركيون بنسبة 41 في المائة، في حين أن نسبة من يعتبرون الموت السبب الأول لخوفهم لم يتجاوزوا 19 في المائة فقط!

د. رالف سميدلي لمس هذه المعضلة قبل نحو 85 سنة فقرر تأسيس منظمة «التوستماسترز» العالمية لتعليم الناس فنون الخطابة والاتصال والقيادة. وما يميز هذه المنظمة عن الدورات التدريبية والمحاضرات النظرية أنها تعتمد على مبدأ «التعلم بالممارسة العملية». إذ لديها منهج تعليمي معتمد طور عبر سنوات طويلة من النقاشات والممارسات العملية التي علمت أعضاء المنظمة فنون الاتصال communication فضلا عن الصفات القيادية الفعالة الأخرى. تتلخص الفكرة بانضمام الشخص إلى نادي التوستماسترز في بلده ليمارس عمليا تلك المهارات المقدمة عبر منهج عملي مدروس وممتع. ولحسن الحظ حضرت بنفسي عشرات الاجتماعات لأندية التوستماسترز في الوطن العربي، التي يشارك فيها مبدعون عرب كثيرون، وهم امتداد لما يربو على 4 ملايين فرد استفادوا من برامجها التعليمية وتطبيقاتها العملية حول العالم. وتضم المنظمة ما يزيد على 12 ألف نادٍ منتشر في أكثر من 106 دول حول العالم وتضم «حاليا» نحو ربع مليون عضو.

شخصيا التقيت بأصدقاء كثيرين اشتهروا بشدة خجلهم وعدم مقدرتهم على الوقوف أمام الناس لإلقاء خاطرة قصيرة فضلا عن محاضرة! غير أنني فوجئت بطلاقتهم والتقدم الكبير الذي أحرزوه عندما كانوا يقدمون خطبهم بمهارة واقتدار على منصة التقديم. كل ذلك كان بسبب أن هؤلاء «قرروا» تطوير أنفسهم ووجدوا منظمة تدرك حقيقة اختلاف قدرات الناس ولذا وضعت جدولا دوريا لالتقاء أعضاء النادي كل نصف شهر، يتم صقل مهارات العضو (أو العضوة) من خلال قيامه بعدة أدوار، منها على سبيل المثال: «الخطب الارتجالية» التي يحدد موضوعها مدير الفقرة وذلك لحظة خروج العضو لإلقاء كلمته، وأخرى تسمى «بخطب الإعداد المسبق» حيث يعد الخطيب موضوعه مسبقا قبل إلقائه. وتتنوع الخطب بحسب المنهج المتبع فهناك برامج تعلم الخطب الجادة، والفكاهية، والعلمية وغيرها، بحيث يكتشف الإنسان قدراته، ثم يخضع للجنة تحكيم من زملائه الأعضاء في النادي. ويفاجأ زائر هذه الأندية بالتفاوت العمري بين الحضور لا سيما تنوع وظائف المشاركين ومنهم أحيانا شخصيات مشهورة، لكن ينقصها القدرة على التحدث أمام الآخرين.

ولذا أدعو كل من له رغبة في تطوير ذاته أن يحضر «ولو جلسة واحدة» لأي من أندية التوستماسترز في بلده من خلال البحث عن النادي الذي يناسبه أو القريب من الحي الذي يقطنه وذلك بزيارة الموقع الدولي لمنظمة التوستماسترز (غير الربحي) toastmasters.org أو مشاهدة لقطات فيديو في مواقع مثل يوتيوب وغوغل وغيرها للاطلاع على مهارات الشباب العربي في فن الإلقاء.

أندية التوستماسترز فرصة سانحة لمن يرغب في تطوير مهارات الاتصال وفنون القيادة لديه. وزيارة إحدى فعاليات تلك الأندية ربما تحدث تغيرا كبيرا في حياتنا لم يكن أصلا.. في الحسبان.

[email protected]