تصرف انتقامي في أريزونا

TT

يعد قانون الهجرة الجديدة القاسي داخل أريزونا شيئا بغيضا للغاية، فهو عنصري وعشوائي وقمعي ووضيع وغير عادل. وتقريبا، الشيء الوحيد الذي يبعث الأمر في هذا التشريع، الذي وقّعت عليه الحاكمة الجمهورية جين بريور أخيرا، هو أن به تجاوزا، ولذا قد يكون غير دستوري.

يجب أن تشعر بريور، التي رضخت لضغوط معادية للأجانب استطاع الحكام السابقون مقاومتها، بالخجل من نفسها. ويطالب القانون الشرطة باستجواب أي شخص «يشتبه بصورة معقولة» أنه مهاجر غير مسجل، ويعد ذلك بمثابة تفويض لتصنيف الناس على أساس عنصري على نطاق واسع. وسيكون على المهاجرين القانونيين حمل أوراق تثبت أن لديهم الحق في الوجود داخل الولايات المتحدة. ويمكن أن يُتّهم مَن لا يحملون هذه الوثائق بالتعدي، ويتعرضوا للسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر.

وقد عقد نشطاء يناصرون حقوق المهاجرين واللاتينيين، ونشطاء يناصرون الحكم السليم، تجمعات للتعبير عن إدانتهم للقانون الجديد، وتعهدوا بأن يقوموا بكل ما يستطيعون القيام به من أجل إلغاء القانون. ولكن أين كانت جموع «حفل الشاي»؟ أليست الفكرة الأساسية لحركة حفل شاي هي أن تجاوز الحكومة يمثل تهديدا خطيرا للحرية الفردية؟ أحسبُ أن قانونا يجعل الأفراد عرضة للاعتقال والاستجواب وفق الرغبات، ويشترط على السكان القانونيين حمل وثائق الهوية، كما الحال داخل الدولة البوليسية، سيجعل نشطاء حفل شاي يصابون بسكتة دماغية. أم هل ثمة استثناء إذا كان الأشخاص الذين تُسلب حريتهم لأن لون بشرتهم بني ربما يتحدثون اللغة الإسبانية؟

إن أمن الحدود وسياسات الهجرة مسؤولية فيدرالية، وقد فشلت واشنطن بصورة مثيرة للشفقة في التعامل مع ما يراه سكان أريزونا أزمة حقيقية. وقد أصبحت أريزونا نقطة دخول مفضلة للعمال غير الموثّقين، ويوجد ما يقدر بـ460 ألف شخص داخل الولاية، يستقرون بها أو يعبرون من خلالها في أي وقت. وقد مضيت بسيارتي إلى الحدود، وكنت أراقب السلطات وهي تحاول انتقاء الشاحنات التي ربما تنقل أفرادا من دون أوراق. وقضيت صباح يوم في القنصلية المكسيكية داخل فونيكس، التي تكون عادة مزدحمة بالمهاجرين الجدد، وساذج من يعتقد أن هؤلاء جميعا، أو معظمهم، داخل البلاد بصورة قانونية. ويضع تدفق الأفراد عبئا غير عادل على الولاية، ومنذ أعوام يناشد أهل أريزونا المسؤولين الفيدراليين كي يقوموا بشيء في موضوع الهجرة وضبط الحدود، ولكن من دون جدوى.

ومع ذلك، لا يقدّم القانون الجديد حلا، بل على العكس، يجعل المشكلة أكثر سوءا. ويأمل عمدة فونيكس فيل غوردون، الذي كتب مقالا في صحيفة «واشنطن بوست» يصف مناصري القانون بأنهم «ضيقوا الأفق وتملؤهم مشاعر كراهية» - أن تُرفع دعوى قضائية ضد الولاية، ويقول إن الشرطة المحلية مضطرة حاليا إلى تنفيذ مسؤولية فيدرالية.

ومن المشكلات التي توجد في قانون يتعامل مع المهاجرين غير الموثّقين كمجرمين أنه يعطي من لا يوجد معهم أوراقا حافزا أقوى كي يبقوا بعيدا عن الشرطة قدر استطاعتهم. وسيجعل ذلك من الصعب على الشركة المحلية إجراء تحقيقات في الجرائم أو تعقب المجرمين الهاربين، لأنه لن يتقدم أي شاهد محتمل غير موثّق.

وكيف يفترض أن تحدد الشرطة من «تشتبه بصورة معقولة» في أنه داخل البلاد بصورة غير مشروعة؟ وحيث إن الأغلبية العظمى من المهاجرين غير الموثقين داخل أريزونا من المكسيك، فإن تطبيق القانون على نطاق واسع سيُظهِر الأمر كأنه مطلوب من أي شخص يبدو مكسيكيا تقديم أوراق الهوية. وقد تحدث مشاحنات فقط مع من يبدون مكسيكيين وفقراء، وربما مع أي شخص يجرؤ على الذهاب إلى القنصلية المكسيكية.

تواجه أريزونا مشكلة حقيقية، ومن حقها أن تطلب من واشنطن تقديم حل، ولكن لا يطرح قانون الهجرة الجديد حلا مطلقا. ولكنه مثل تصرف انتقامي. ويجعل القانون المواطنين اللاتينيين والمقيمين بصورة قانونية عرضة لمضايقات عشوائية، ويجعلهم في درجة دنيا، وهذا أمر مُخزٍ بصورة فاضحة.

*خدمة «واشنطن بوست»