استمعوا لنصيحة نجاد!

TT

ها هي نصيحة جديدة تأتينا من طهران، ومن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والحق أنها تستحق التطبيق، وإن جاءت من رأس النظام الإيراني. فالحكمة ضالة المؤمن! فخلال استقبال الرئيس الإيراني لرئيس مجلس الأمة الكويتي، قال نجاد إن إيران تواصل مسار المنطق والحوار في حل القضايا، مؤكداً على ضرورة حل قضايا العالم کافة عبر الحوار والمنطق، ومشدداً على أن عهد التغيير عبر اللجوء إلى أساليب التهديد والقوة قد ولّى، بحسب ما نقلته وكالة «إرنا» الإيرانية.

وكون الرئيس الإيراني يتحدث عن «قضايا العالم كافة» ويطالب بحلها بـ«الحوار والمنطق»، فلماذا لا نبدأ من القضية الفلسطينية، وتعلن طهران دعمها لعملية السلام، وتكف يدها عن بذر شقوق الخلاف والفتنة بين الفلسطينيين، من خلال دعم حماس في غزة، واستخدامها كورقة ضغط لخدمة أجندتها النووية، والتوسعية بالمنطقة؟

ولماذا لا يسعى نجاد إلى إيقاف عملية إعادة تسليح حزب الله المستمرة، على قدم وساق، التي قد تورط سورية، وبالتالي يطلب من حزبه في بيروت أن يجلس إلى طاولة الحوار اللبناني - اللبناني، ويغلب مصلحة الدولة اللبنانية، بدلا من خدمة المصالح الإيرانية؟ وذلك، وفقاً لنصيحة نجاد الداعية لحل قضايا العالم كافة بالحوار والمنطق، خصوصاً أن سلاح حزب الله بات سيفاً مسلطاً على اللبنانيين، ومهيمناً على قرار الدولة اللبنانية التي يجب أن تحاور هي العالم وفق المنطق الذي ينادي به نجاد.

وعطفاً على كل ما سبق، فمن الواجب أن تعلن طهران عن مباركتها، ودعمها، لمفاوضات سورية - إسرائيلية، بناء على نصيحة نجاد بأن قضايا العالم كافة يجب أن تحل بالحوار والمنطق، وتكفل بالتالي للسوريين استعادة الجولان، لكي تتفرغ سورية لبناء نفسها واقتصادها، وقبل كل شيء إنسانها الذي يستحق الكثير، بدلا من حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها سورية.

هل نسينا العراق؟ بالطبع لا! فلماذا لا تترك إيران العراقيين وشأنهم، يحلون مشكلاتهم بالحوار والمنطق، الذي يدعو له نجاد، بدلا من أن تستقوي بعض الأطراف العراقية بطهران ضد إخوانهم العراقيين، ويترك مصير العراق لأهله، بدلا من أن يقرر في طهران، خصوصاً أن التقارير تشير إلى أن القوات الإيرانية تتقدم كل يوم بمسافة شبر في الأراضي العراقية، بحسب ما أعلنه أحد العسكريين الأميركيين في تصريحات علنية! ومن المفيد أن نروي قصة بسيطة هنا حدثت إبان زيارة نجاد للعراق، حيث قيل إن الوفد يريد لقاء بعض الأكاديميين العراقيين، فجاء الجواب العراقي بأنهم لا يملكون قائمة بأسماء الأكاديميين، وما هي إلا ساعات وجاءتهم قائمة مفصلة من السفارة الإيرانية ببغداد بأسماء الأكاديميين العراقيين، وأدق تفاصيلهم!

وعليه فلو نفذت إيران نفسها نصيحة رئيسها في كل ما سبق، أو جزء منه، بأن يتم حل قضايا العالم کافة «عبر الحوار والمنطق» لكنا، وكان الإيرانيون، بألف بخير. لكن المرء لا يملك إلا أن يردد مع الشاعر العربي قوله:

يا أيها الرجل المعلِّم غيره

هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى

كي ما يصح به وأنت سقيم!

[email protected]