من يهدد الوزارة؟!

TT

لست أدري على أي نحو يمكن تفسير أن يحمّل مسؤول حكومي المجتمع مسؤولية تعطيل مشروعات وزارته، كما فعل نائب وزير العمل السعودي الدكتور عبد الواحد الحميد، وهو يشير إلى صحيفة «المدينة» بأن الجدل الاجتماعي يعتبر من أهم معوقات عمل المرأة، وأنه إذا استمر هذا الجدل فإن إشكالية توظيف المرأة ستبقى عالقة، وأن إمكانات الوزارة ستبقى محدودة حتى يحسم المجتمع أمره.

ورغم تقديري الكبير للدكتور الحميد فإنني لأول مرة أسمع أو أقرأ أن ثمة مسؤولا يقف في انتظار انتهاء الجدل الاجتماعي، ولو أخذ المسؤولون الآخرون بهذه النظرية لظللنا حتى اللحظة بلا مدارس بنات، ولا تلفزيون، ولا إنترنت، فكل هذه المشروعات وغيرها أثارت الجدل في حينها، ولكنها غدت بعد ذلك واقعا يتعامل معه الجميع، وأنا على ثقة أننا لو ظللنا ألف عام في انتظار أن ينتهي الجدل فلن ينتهي، وبالتالي ماذا ننتظر إذا كان لدينا اليوم نحو 200 ألف عاطلة، ونسبة كبيرة منهن من حملة الشهادات الجامعية؟! ماذا ننتظر إذا كانت «حصّالة» البطالة ستمتلئ عاما بعد آخر بالمزيد من العاطلات؟! ماذا ننتظر إذا كان المسؤول الحميد نفسه يعترف بأن الفرص متاحة لعمل المرأة، ولكن الجدل الاجتماعي يقف عائقا؟!

ومما ذكره الحميد للصحيفة أن وزارته تعرضت للتهديد والاتهامات والانتقادات لمنع تنفيذ القرار الخاص بالسماح للمرأة بالعمل في البيع بالأسواق، وإذا فهمنا أن تتعرض الوزارة للنقد والاتهامات، لكن كيف لها أن تتعرض للتهديدات؟! ومن هذا الذي يستطيع في ظل دولة يسودها الأمن أن يهدد وزارة بأكملها؟!

وللدكتور عبد الواحد الحميد أقول: إن كُلّ أو جُلّ الوزارات تواجه شيئا من مثل ما تواجهه وزارة العمل بين حين وآخر حول بعض برامجها ومشروعاتها، لكنها تمضي نحو تحقيق غاياتها في ثبات، حينما تكون مقتنعة بأن ما تفعله يصب في مصلحة المجتمع، ويتسق مع أهدافه، فساحة الجدل الاجتماعي ليست الساحة التي يمكن أن يلتقط منها المسؤول استنتاجات دقيقة، فبعض الأصوات المجادلة لها جلبة وضوضاء، وينطبق عليها القول: «إذا ضعفت حجج المرء زاد رنين مفرداته».

وفي كل الأحوال يظل السؤال قائما، وهو الذي اتخذته عنوانا: من يهدد الوزارة؟!

[email protected]