الوجه الآخر للشيعة في لبنان

TT

«سأخبرك بعد أن أتناول البيتزا»

(ريما فقيه ملكة جمال الولايات المتحدة 2010)

إياد أبو شقرا

تساءل السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان في خطاب مهم ألقاه بمناسبة الذكرى العاشرة للتحرير، وقبل 48 ساعة من الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب، حيث خط المواجهة مع إسرائيل، عن مبرر «كل هذا التدفق والزيارات الأميركية والأوروبية والأجنبية والعربية إلى لبنان؟ لماذا؟ من أجل ماذا؟ وماذا يجري في لبنان؟».

التساؤل غريب هنا، لأن السيّد يدرك الظروف التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط. ويدرك أيضا أن لبنان يشكل بؤرة اهتمام استثنائية. فهو لبعض الجهات «ثغرة» يمكن استغلالها لتصفية حسابات إقليمية وقبض أثمان دولية، ولجهات أخرى خط دفاع أول عن مشروع إقليمي واسع الطموح، ولفريق ثالث حالة هشة إذا سمح لها بالانهيار أو التفجر ستمس شرارات تفجرها البعيد والقريب.

والسيّد حسن يقرأ حقيقة ما هو حاصل في العراق، حيث غدا واضحا أن انعدام التقدم نحو تفاهمات داخلية في العمق على قيام حكومة غير طائفية، سيدفع بالكيان العراقي نحو التفسخ والتقسيم. ومع هذا، ثمة من يريد الجري نحو الهاوية.. طورا تحت شعار «الاجتثاث» المعلن وتارة بنية «الإقصاء» العاصية على الستر.

والسيّد حسن يفهم أن السودان قطع حقا أكثر من نصف الطريق إلى التقسيم بعد أداء سلفا كير ميارديت اليمين رئيسا لـ«جنوب السودان». ولعله سمع كلام سلفا كير التحذيري المبطّن قبل نحو ثمانية أشهر من الاستفتاء التاريخي على مصير «الجنوب».

وطبعا، الأمين العام، هو أخبر الناس بالمناخ الإقليمي الذي خلقه البرنامج النووي الإيراني، وما يمكن أن تفعله إسرائيل والولايات المتحدة حياله.. ما لم تتوفر معطيات صفقة إقليمية بين الأطراف المعنية. فالدور الذي يلعبه حزب الله على حدود إسرائيل في ظل العلاقة الخاصة جدا بين «الحزب» وطهران، معطوفا على تزايد ضغطه على التركيبة السياسية اللبنانية، دور يثير القلق.. أولا عند قطاع واسع من اللبنانيين، وثانيا في عدد غير قليل من الدول العربية، وثالثا في مجتمع دولي ليس واثقا تماما من أن واشنطن راغبة بلجم أي مغامرة إسرائيلية أو قادرة على ذلك إذا كانت راغبة.

من جهة ثانية، أعتقد أن الانتخابات البلدية والاختيارية في المناطق الشيعية في لبنان كشفت بضع حقائق على الأرض، قد لا يستسيغها حزب الله وحليفته حركة أمل.

فالمبالغة بـ«التحصين» الداخلي للطائفة تحت عنوان «المقاومة» ولّدت شعورا بالإقصاء والتهميش عند من هم خارج «ثنائية» الحزب والحركة داخل الشارع الشيعي، وهذا بعدما كانت قد زادت من مخاوف الفئات اللبنانية القلقة من تنامي نفوذ «الشيعية السياسية» المسلحة. وقبل أيام استمعت باهتمام لرئيس بلدية سابق لبلدة حدودية عريقة في مقاومتها لإسرائيل وهو يشكو ويحتج على التعامل الفوقي لـ«الثنائية». وقبله سعدت ككثيرين مثلي لفوز حسناء عربية لبنانية، وشيعية جنوبية، بلقب ملكة جمال الولايات المتحدة لعام 2010. وأسعدني أكثر الحملة المجنونة التي شنتها عليها جماعات أميركية يمينية متطرفة.

سعدت لأن فوز ريما فقيه وفرح أهلها ومجتمعها لفوزها يكسر الصورة القالبية الجامدة والمظلمة للبيئة التي خرجت منها ريما.

المجتمع اللبناني، وبالذات، شارعه الشيعي - ولا سيما في الجنوب - أكثر تحرّرا من الصورة التي تراد له هذه الأيام. وفيه قوى حية وشجاعة وراغبة بالتعايش والتسامح، تستطيع التعبير عن نفسها، وتؤيد مبدأ المقاومة من دون أن يكون الثمن تدمير المجتمع المدني وتذويب الشخصية اللبنانية والهوية العربية.