خالد.. ملك ومعرض

TT

للملك الراحل خالد بن عبد العزيز رحمه الله مكانة خاصة في قلوب السعوديين، فهو كان وجه الخير الذي عرف الناس على عهده طفرة مالية عمت البلاد بشكل غير مسبوق. دخل قلوب مواطنيه بتواضعه وحبه للخير. وكان حسن النية فأكرمه الله بقدر ذلك. واجه فتنة احتلال بيت الله الحرام من فئة إرهابية باغية، بشجاعة وحكمة، وتعامل بحكمة مع واحد من أصعب المواقف وأدقها. كذلك كان للملك الراحل مواقف بالغة الدلالة والأهمية في تعامله مع المشكلات العربية، وخصوصا الملف اللبناني المعقد والمشكلات الجزائرية المغربية. وطبعا كان للقضية الفلسطينية مكانة مميزة في وجدان الملك الراحل أخذت من اهتمامه الكثير.

كل تلك الفترات استحضرتها وأنا أزور معرض الملك خالد الباهر الذي يقام الآن في العاصمة السعودية الرياض، والذي افتتحه منذ أيام «ذاكرة وتاريخ الحكم السعودي» الأمير سلمان بن عبد العزيز. ولعل أهم ما يلفت النظر في معرض الملك خالد هو نجاحه في تقديم الملك في شخصيته الإنسانية والمقربة للناس. فهناك سجادة صلاته الخاصة، وكتاب أوراده وأدعيته، وقلمه، وساعته، وملابسه، ومكتبه، والكثير من خطاباته التي تظهر أسلوبه البسيط والمحبب، كذلك يظهر المعرض مراسلات تاريخية بين شخصيات عامة وبين الملك خالد، فهناك خطاب «تاريخي» من الوزير «الابن» غازي القصيبي للملك «الوالد» وهو يبدي فيه وجهة نظر رائعة من قرار اتخذه الملك، وكذلك خطاب تكليف الملك خالد لولي العهد وقتها الملك فهد بإدارة شؤون البلاد خلال رحلة الملك العلاجية للولايات المتحدة الأميركية.

المعرض فرصة للسعوديين لاسترجاع فترة ذهبية واستثنائية من تاريخهم إبان حكم ملك صالح ومحب للخير ولشعبه، أحبهم فأحبوه، جاء للحكم بعد فاجعة اغتيال الملك فيصل التي أصابت الناس بالذهول والصدمة. ولكنه استطاع مداواة الجرح بمهارة وحكمة، وركز على رخاء المواطن وتنمية البلاد، فشهدت السعودية أكبر خطة تنموية عرفها التاريخ المعاصر وانتشرت المشاريع في شتى المجالات وبات عصره يعرف بعصر الطفرة والخير. وما من أحد يتذكر خالد بن عبد العزيز إلا ويترحم عليه بصدق لأنه دخل القلوب بصدق.

معرض الملك خالد بالرياض مناسبة جميلة جدا لاسترجاع ذكريات من ماضٍ جميل لإنسان جميل، ملك القلوب ويتذكره الناس بكل خير، لأن في عهده الجميل عم الخير. فكرة معارض الملوك السعوديين وعرض إنجازاتهم وسيرهم بهذا الشكل المميز هي إضافة في غاية الأهمية والدلالة، وهي أكثر تأثيرا من الكتب والمقالات لأن الإنسان «يعيش» تجربة ملك بإحساس حقيقي. رحم الله الملك خالد رحمة واسعة، فلقد كان للخير باباً.

[email protected]