بل ستبقى مصر عضوا!

TT

من باريس - سألني: سيادتك قسيس؟

قلت: نعم. قال: من فضلك يا أبونا أين توجد كنيسة المجدلية؟ - أي كنيسة مادلين.

بوجه متجهم مهموم بذنوب الدنيا وعذاب الآخرة أشرت: إلى اليسار وفي الوجهة أمام فندق ريتس الذي يملكه البليونير المصري محمد الفايد.

ثم نظرت إلى نفسي. لماذا ظن أنني قسيس؟!

إنه على حق، فأنا أرتدي ملابس سوداء وبولوفر أسود يغطي رقبتي من البرد. والحقيقة أنني بردان على طول، ولذلك أرتدي ملابس شتوية صيفا وشتاء. ولا بد أن مسحة الهم والغم على وجهي أعطته هذا الانطباع بأنني من رجال الآخرة ولست من أهل الدنيا.

وهذه هي المرة الثانية. المرة الأولى ذهبت مع الصديق الراهب الأب قنواتي إلى حضور (المجمع المسكوني) - أي العالمي نسبة إلى (المسكونة) التي هي كوكب الأرض. وكان ذلك سنة 1964. فقد انعقد في الفاتيكان هذا المؤتمر العالمي لكل المذاهب المسيحية للنظر في قضيتين: الأولى وثيقة تقدم بها الكاردينال الألماني بيا يطالب فيها بصدور العفو عن يهود هذا الزمان لأنهم لم يصلبوا المسيح. وإنما الذين صلبوه أجداد أجدادهم. ووافق المؤتمر على ذلك ولم يعد الكاثوليك يلعنون اليهود في صلواتهم.. والقضية الثانية: أن البابا معصوم من الخطأ. ووافق المؤتمر.

وكتبت مقالا في آخر ساعة بعنوان «لا صلبوا المسيح ولا قتلوا كيندي». وجاء رد من «نادي القلم الدولي» بحذف اسمي من عضوية النادي. وأصر يوسف السباعي رئيس نادي القلم على أن أبقى كما أنا، فأنا حر في ما أقول. واستشهد يوسف السباعي. وصرت أنا رئيسا لنادي القلم. ولما ذهبت في أول مؤتمر إلى فيينا، وجدتهم يطالبون بحذف اسم مصر من النادي. لماذا؟ لأننا لم ندفع الاشتراك السنوي. ولكن الوفد الإسرائيلي هو الذي وقف ودافع عن بقاء مصر بأي شكل. ويومها تلفتّ إلى الصديق الدكتور مرسي سعد الدين. قال: ليس عندي فلوس. فما كان من عمدة المصريين في فيينا الدكتور حاتم أبو راس إلا أن ذهب ليلا وفتح الصيدلية ودفع لنا الفلوس. أعجوبة! التاريخ أعجوبة. فالذين كانوا يطالبون بفصلي وحدي، أصروا على بقائنا جميعا!