حان موعد توزيع النياشين على الحمام الذي شارك وساهم ومات في الحروب العالمية.. ففي الحروب استخدمت كل القوات الحمام لحمل الأوامر السرية. كثير من الحمام مات. أما التي ذهبت وعادت عشرات المرات فتستحق نيشان البطولة.
وفي وزارات الدفاع الأوروبية قائمة بأسماء هؤلاء الأبطال الذين أنقذوا حياة الألوف من الجنود عندما تلقوا الرسائل بالانسحاب بعيدا عن دبابات وطائرات هتلر في وسط أوروبا..
والحمامة المطوقة رمز للسلام والحب. وأبونا نوح يوم أغرق الطوفان الأرض ومن عليها، أطلق غرابا ليعرف إن كانت هناك أرض قريبة يرسو عليها بسفينته. فذهب الغراب ولم يعد.. لم يجد أرضا وطار حتى مات. فأرسل حمامة عادت إليه بغصن في منقارها. أي أن هناك أرضا وحياة. وكانت الحمامة منذ ذلك الحين رمزا للسلام.
ولحسن حظي فإنني أملك أعظم لوحة للسلام في العالم. هذه اللوحة الطويلة العريضة رسمها الفنان المصري العظيم صلاح طاهر. وهي اللوحة الوحيدة؛ فقد جفت الأقلام عن رسم لوحة أخرى عن معنى السلام الذي حققه السياسي العبقري أنور السادات. وقد رآها فنانون. أذهلتهم. ورآها سياسيون. ودار الكلام يمينا وشمالا. وقالوا: نشتريها بمائة ألف.. بمائتين. قلت: لا..
وملحمة الحمام والسلام قديمة.. حتى أن العرافة اليونانية الشهيرة كانت تحتفظ في بيتها بغراب مصري أسود، لا بد أن يكون أسود.. وأن يكون من مصر، وحمامة مطوقة. يذهب إليها من يريد أن يعرف بخته على مسمع من الغراب والحمامة، ويكون رد الفعل أن يخرج الغراب وينعق. ومعناه: خبر أسود وحظ أسوأ.
ولكن إذا خرجت الحمامة رقيقة «دلوعة» وقد وقفت على أحد الأغصان، فالسعادة قادمة والحظ وراءها..
وفى الأيام الأخيرة وزعت وزارات الدفاع الأنواط ونياشين الشجاعة على جميع الحمام الذي أنقذ حياة عشرة آلاف جندي بريطاني وفرنسي في الحرب العالمية الثانية!