اقتراح

TT

صنف الغربيون العالم وجهاته الأربع على أساس أنهم مركز الكرة: الشرق الأقصى، هو الأقصى عن أوروبا. والأدنى هو الأدنى إليها. وأفريقيا ليست دولا وأوطانا بل جهات جغرافية: شرق أفريقيا وشمالها وجنوبها وغربها. وطبعا هناك «جمهورية أفريقيا الوسطى». وفيما تحولت جهات أفريقيا إلى دول ذات أسماء منفردة، بقيت جنوب أفريقيا على اسمها العلمي الجغرافي المجرد. دارت حولها أقسى الحروب، ودار فيها أطول الصراعات العنصرية، وانتهى فيها أحد أبشع النزاعات العنصرية، ولا تزال من دون اسم علم.

ها هي فرق العالم أجمع تتبارى وترفع أعلامها وأسماءها، قديمة وحديثة، إيطاليا وفرنسا وبريطانيا والكاميرون، والبلد المضيف وحده، يرفع اسما مأخوذا من خريطة القارة.

ولا يزال بعض صحافيينا وبعض المذيعين يستخدم المصطلح الاستعماري البليد بالقول «القارة السوداء». وبالإضافة إلى عنصرية المصطلح وقدمه، فهو غير دقيق ولا معبر. والمثال على ذلك، جنوب أفريقيا نفسها، وزيمبابوي ومصر وبلاد المغرب العربي التي هي خليط أو بياض. وقد بدأت منذ أكثر من أربعين عاما، باستخدام تعبير «أفريقيا السمراء» أو الشهباء، إذا شئت، لاعتقادي أن التسمية عنصرية أطلقها الرجل الأبيض من فوق ظهر الفيل الذي كان ينقله في الأدغال محاطا بـ«العبيد». دورة الكرة في جنوب أفريقيا هي دورة الكرة الكبيرة لا الكرة الصغيرة. إنها علامة على تغير لون الأرض مع ختام القرن الماضي.

رجلان أسمران خرجا من هنا لكي يختما أشهر نهايتين استعماريتين: المهاتما غاندي الذي عاد من جوهانسبورغ إلى دلهي لكي يحرر الهند، ونيلسون مانديللا، الذي، بقلب وسع القارة، ختم نهاية الرجل الأبيض في أفريقيا. واحد منتصف القرن الماضي وآخر في نهايته. وقد شهد القرن القاتل حربين عالميتين ورجالا مثل هتلر وستالين وترومان، لكنه مضى أيضا يتباهى بأن صاحبي أوهى ذراعين بين الرجال، حملا علم الحرية في الهند وفي بلد لا يزال إلى الآن دون اسم قومي. سموها مانديللا.