لا سلام في المنطقة مع بقاء النظام الإيراني!

TT

قبل ثلاثة أشهر أعلن رجل الأعمال الإيراني أمير جاهنشاهي عن تأسيس تنظيم «الموجة الخضراء» لقلب نظام الحكم في إيران وقدم برنامجه «الاتحاد من أجل الجمهورية الإيرانية الثانية» (راجع «الشرق الأوسط» عدد 18 مارس/آذار 2010). هذا الأسبوع أعلن عن مسؤوليات «المجلس الأعلى للأمن والمصلحة الوطنية» الذي سيتشكل فور سقوط النظام ويختار أعضاء الحكومة الانتقالية.

منذ إعلانه عن الإعداد لتغيير النظام بالقوة عبر مجموعة من داخل النظام، وبالذات من «الحرس الثوري»، جرت مع جاهنشاهي اتصالات كثيرة من قبل بعض كبار قادة «الحرس الثوري» ومن شخصيات سياسية على أعلى مستوى داخل النظام. يؤكد أن اللقاءات جرت، يرفض القول أين، حفاظا على أمنهم، وهو لم يذهب إلى إيران، «إنما جرت اللقاءات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومستمرة».

أجمع الذين جاءوا إلى لقائه على تخوفهم من مغامرة الحرب في المنطقة، لأنهم واثقون من أن توجهات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هي استفزاز دول المنطقة وتهيئة ظروف الحرب «لأنه يعتقد بشكل راسخ أن حربا كبيرة في المنطقة تمهد لمجيء المهدي المنتظر لتنظيف العالم» ويضيف جاهنشاهي: «قال لي من حضر مثل هذه الاجتماعات المصغرة أن وجه أحمدي نجاد يتغير عندما يتكلم عن الحرب ومجيء المهدي».

قبل اتصالهم بمؤسس «الموجة الخضراء» أجرى بعض هؤلاء، خلال السنة ونصف السنة الماضية اتصالات ببعض الدول الغربية مثل ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، لكنهم لم يستطيعوا التوصل إلى نقطة انطلاق مشتركة، لأنهم لا يتكلمون اللغة السياسية نفسها، ولا يريدون الأشياء نفسها. الدول الغربية تريد الحصول على بعض المعلومات، وإيرانيو النظام يريدون جس النبض حول مدى الثقة بهذه الدول وعما إذا كانت مستعدة لدعم نوع من الانقلاب أو أي عملية أخرى لتغيير النظام.

ولأن جاهنشاهي كان قد أعلن أنه يريد تغيير النظام بالقوة وبمساعدة «الحرس الثوري» «لأنني أحتاج إليهم كي لا تكون تكلفة تغيير النظام باهظة»، قاموا هم بالاتصال به، ليكتشف كراهيتهم المطلقة لأحمدي نجاد، ولأنهم صاروا مقتنعين بأنهم لا يستطيعون فعل شيء من دون دعم الدول الديمقراطية في العالم وبالذات الأوروبية، وأبلغوه أنهم مقتنعون بإقراره أنه لا بد من تغيير النظام بالقوة.

بعضهم كان يعتقد أن الوضع قد يتغير وأنه خلال ثلاث سنوات ستجري انتخابات وعندها يمكن التغيير. اليوم لم يعودوا متأكدين من ذلك لسببين؛ الأول: ظنوا في البداية أنه إذا وقع مكروه للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي سيتم تشكيل مجلس يحل مكانه وتنتهي ولاية الفقيه.

اليوم صاروا متخوفين، إذا ما وقع مكروه لخامنئي وهم لا يملكون السلطة، فإن السلطة القليلة المتبقية لدى خامنئي سينقض عليها أحمدي نجاد، ولذلك صاروا مقتنعين بأن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو اغتيال خامنئي أو رحيله.

السبب الثاني: أنهم ليسوا متأكدين من إجراء انتخابات وذلك بسبب الحرب المحتملة ولأنهم لا يعتقدون بأن أحمدي نجاد سيغادر السلطة بعد ثلاث سنوات.

يقول جاهنشاهي: «ما كان مهما بالنسبة إلي هو أنني كنت على صواب، ليس فقط حول تجاوب قسم من قادة «الحرس الثوري» مع طروحاتي، بل أيضا لأنهم مع سياسيين كبار من داخل النظام صاروا يفكرون بحلول بديلة. كانوا في البدء يريدون فقط تغيير أحمدي نجاد، اليوم صاروا مثلي يفكرون بتغيير النظام كله».

لكن الشعب الإيراني يريد أن يعرف ما سيحصل بعد تغيير النظام، هل ستعم الفوضى؟ وماذا سيحل بشخصيات النظام الحالي.. هل ستقف الثورة الجديدة ضدهم؟ ردا على كل هذه التساؤلات أعلن جاهنشاهي برنامجه بالتفصيل. سيقام مجلس أعلى للأمن والمصلحة الوطنية، وستكون له سلطات مطلقة، وسيتشكل من كل الذين كان لهم دور رئيسي في تغيير النظام. سيختار أعضاء الحكومة الانتقالية التي ستكون مدتها 18 شهرا. التصويت داخله سيكون بالأغلبية وفي حال عدم حصولها سيكون لرئيس المجلس صوتان، لكن لن يحق له المشاركة في أي انتخابات ستجري بعد تغيير النظام منعا لاستغلاله سلطاته، كأن يترشح مثلا لرئاسة الجمهورية. على كل الأعضاء الكشف عن ثرواتهم داخل وخارج إيران، ولن يسمح لأي منهم إجراء صفقات تجارية أو القيام بأعمال خاصة إلا بعد سنتين من تشكيل الحكومة الانتقالية، أي مع حكومة ثانية لاحقا.

من أبرز صلاحيات الحكومة الانتقالية إجراء إصلاحات كبرى، دمج الجيش و«الحرس الثوري»، أما الباسيج والميليشيات الأخرى فسوف تنزع أسلحتهم، وتتوفر لهم أعمال في قطاع إعادة البناء، والسبب كما يقول جاهنشاهي: «لا نريد أن يتحول هؤلاء إلى الشارع» ويضيف أنه ستجري، من اليوم الأول مراجعة كل النظام القضائي في البلاد وتحديثه، «سنلغي الظلم واللا مساواة القائمين الآن بين جزء من الشعب الإيراني والأقليات».

لن تتخذ أية إجراءات بحق من لا يقف ضد الثورة الجديدة «النظام الجديد لن ينتقم»، لكن لكل شخصيات الدرجة الأولى، أصحاب المناصب العالية الذين وقفوا ضد الشعب الإيراني: «سنقيم محاكم خاصة لهم، تبدأ في اليوم الأول من انتصار الثورة، وتنتهي في آخر يوم من عمر الحكومة الانتقالية. أي سيكون أمامنا 18 شهرا لننتهي من الماضي ومشاكله ونهيئ لمستقبل إيران ونأتي بالديمقراطية والانتخابات».

يقول جاهنشاهي إن كل المنطقة خائفة من الفوضى في إيران، لأن لا أحد يريد عراقا آخر أو أفغانستان أخرى، «وإذا لم يكن هناك من تنظيم يؤكد أنه لديه القدرة على التغيير، سيظل الكل خائفا من الفوضى، لذلك لا تريد إدارة الرئيس باراك أوباما فعل شيء، لخوفها من الفوضى».

وجاهنشاهي مقتنع بأن تغيير النظام في إيران يستدعي القوة، ويؤكد أن برنامجه الجديد أعده مع أناس من داخل إيران: «تفاوضنا معهم، إيرانيو الخارج سيطلعون هذا الأسبوع على البرنامج الذي هو نتاج نقاشات مع أناس من داخل النظام، وهذا يعني اقتناعهم بكل نقاط مسودة الدستور الجديد».

برأي جاهنشاهي أنه لا يمكن إحلال السلام في المنطقة من دون تغيير النظام الإيراني الحالي، «مفتاح السلام بين إسرائيل والفلسطينيين موجود في إيران. بعد 18 شهرا من تغيير النظام ستكون هناك دولة فلسطينية مستقلة. أول قرار للحكومة الانتقالية سيكون قطع المساعدات عن حماس و«القاعدة» وطالبان، وسوف نستدعي مسؤولين من حزب الله للمجيء إلى إيران وسنقول لهم: أمامكم حلان، فإذا أردتم أن تكونوا حزبا سياسيا فإننا سنقبل بكم، لكن، إذا أردتم الاستمرار كما أنتم فسوف نضعكم بنفس الفئة مثل حماس وسوف تنتهون بكل الأحوال. ويضيف: «على كل، فإن «حزب الله وحماس وغيرهما، سينتهون، بعد أن نقطع الأموال عنهم، خلال 6 إلى 24 شهرا».

يكرر جاهنشاهي أن الخطر الوحيد هو أن يتسبب أحمدي نجاد بحرب فيعتقد الناس بأن عليهم الصبر على النظام. يعمل على إيصال صوته إلى الشعب الإيراني وإلى الدول المجاورة، بأنه إذا تسبب أحمدي نجاد بحرب في المنطقة، لن تكون تماما كالحرب العراقية - الإيرانية، وعلى الشعب الإيراني بالتالي، الاستمرار في مقاتلة أحمدي نجاد «حتى لو كنا في حرب».

يؤكد لي في نهاية لقائنا، أنه يعرف إلى أين يريد الذهاب، وكيف يذهب إلى هدفه، «مهمتي الآن أن أعرف تنظيم كل شيء، أن أعرف كل ما لدينا وما يمكن أن نحصل عليه وما نحتاج إليه من داخل إيران».

يبدو أن أبوابا كثيرة شُرعت، والمفاجأة ستقترب أكثر مع نهاية العام.