هل يلجأ المالكي إلى «الإرهابيين»؟!

TT

بعد أن فشل المالكي في الحصول على صوت نيابي واحد من العرب السنة، وبعد كل تلك الإجراءات التعسفية التي تعرضت لها «الكتلة العراقية»، والاتهامات بالإرهاب أو التعامل مع الخارج وتلقي أموال والتهديد بالعنف، التي وجهت إليها أو إلى قيادات منها، من هذا وذاك من عناصر الدعوة، وبعد أن جعل اللقاء مع الدكتور إياد علاوي قصة. ذهب بنفسه إلى منزل علاوي طالبا الاتفاق على حكومة يسمونها حكومة شراكة وطنية. فماذا حدث؟

لقد يئس المالكي من التحالف الوطني. لأن الجميع معترضون تماما على تجديد ولايته. وقوبل بتلويح، وقرأ تسريبات، عن أن التحقيقات في ملفات سنوات حكمه - إذا ما أثيرت - لا أحد يستطيع التدخل لدى القضاء لمنعها. ولا تعهدات بالحفاظ على مواقع عناصر حزبه، الذين نشرهم في مؤسسات الدولة، وأصبح واضحا لديه أن وضعه بات حرجا. إلى حد بدأ يستخدم مفردات غير عادية.

هذه هي الخلفية التي دفعت المالكي إلى زيارة علاوي، فوضع قدما في شارع الزيتون (مقر علاوي) وأبقى قدما أخرى في الجادرية (مقر الائتلاف) من أجل إبقاء مجال المناورة مفتوحا. والتنافس لا يزال في ذروته، ولم يتحقق حتى الآن شيء يذكر. ولا أحد يمكنه الوثوق بأي اتفاق، فالمواقف تتغير بين ساعة وأخرى في ضوء المصالح الفئوية والشخصية. ولا يمكن الجزم بأن الحكومة ستتشكل قريبا. وحتى لو تشكلت فإنها ستكون عرضة لسحب الثقة في أي وقت، ما دامت المعادلات على ما هي عليه، وتعديل الدستور يحتاج إلى قدرة قادر.

الأميركيون يؤيدون ويشجعون اتفاقا بين المالكي وعلاوي، لكن تشكيل الحكومة يتطلب ثلثي أعضاء البرلمان لتسمية رئيس الجمهورية أولا، وهو ما يجعل الكتلتين بحاجة إلى نحو 44 صوتا آخر.

من واجب «العراقية» الإيفاء بالتزاماتها تجاه ناخبيها، وأن تحرص أولا على تشكيل الحكومة، وأن تجابه الصعوبات والمغريات. وحتى الآن فإنها أثبتت تماسكا قويا. ونجاح المهمة يتطلب المزيد من القدرة على المناورة. ولا ضير في توسعة أفق المناورة ليشمل كتلة المالكي. لكن لذلك ضوابط لا يؤدي التجاوز عنها إلا إلى تعقيدات جدية على المدى البعيد.

إن حصول المالكي على منصب رئاسة الجمهورية يقدم له حصانة تتعارض ومتطلبات مراجعة ملفات الماضي، حتى من دون غطاء قانوني. وبما أن «العراقية» تدرك أكثر من غيرها حجم الآلام التي تعرض لها الأبرياء، والتضحيات البشرية الهائلة، والسجون السرية، ومحاولات ترسيخ الطائفية، والخروقات الفظيعة في إدارة الدولة، فلا يعقل أن تكون سببا في الدوس على مشاعر الناس والحقوق العليا لمستقبل العراق. فالصبر في المداولات يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر واقعية ومقبولة. فالمأزق داخل «التحالف الوطني» غير مرشح للانفراج إلا إذا نجح المالكي في استغلال حواره مع علاوي لابتزاز حلفاء أمس، الذين أوصلوه إلى الحكم قبل أن يتهموه بالتفرد والاستئثار بالسلطة.

ووفقا للروايات التي ترد إلي من جهات رفيعة، فإن هناك تأملات بحصول اتفاق بين الطرفين، على الرغم من أنهم لم يصطدموا بالعصب الحساس حتى الآن، وهو موضوع رئاسة الوزراء. فالمالكي يحاول إقناع علاوي بقبول رئاسة الجمهورية، وربما تسميته قائدا عاما للقوات المسلحة. وهنا يطرح سؤال مهم، هو: المؤسسات الأمنية ووزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني كلها مرتبطة بمجلس الوزراء عمليا، فما جدوى وتأثير تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية ما دامت غير منصوص عليها دستوريا؟ ويمكن الانقلاب على الاتفاقات، مثلما انقلبوا على وثيقة الإصلاح الوطني وعلى تعهدات كثيرة أخذت طريقها إلى سلال المهملات قبل أن ينفذ منها شيء.