تحليل لمباراة أميركا مع غانا وطالبان

TT

تكتيكات مدرب المنتخب الأميركي بإمكاناته الفنية والمالية الكبيرة لم تفلح في الإفلات من الهزيمة أمام المنتخب الغاني ذي الإمكانات البشرية والمالية والفنية البسيطة، وتكتيكات الجنرال الأميركي ستانلي ماكريستال قائد فريق قوات التحالف الدولي ذات الإمكانيات البشرية والتقنية الضخمة في أفغانستان لم تفلح هي الأخرى في هزيمة فريق طالبان ذي الإمكانيات البشرية البسيطة والتقنية العسكرية المتواضعة، انسحب فريق أميركا من بطولة القدم العالمية بسبب هزيمته من غانا، وانسحاب الفريق الأميركي من مباراته مع فريق طالبان مسألة وقت في ظل تصاعد قوة طالبان العسكرية ونفوذها القوي في كينونة الشعب في أفغانستان، وكما في كرة القدم، حيث يتم تغيير المدرب لأسباب تكتيكية أو ربما معنوية، عمد باراك أوباما رئيس «المنتخب الدولي» لقوات التحالف في أفغانستان إلى عزل «المدرب» الجنرال ماكريستال المدير الفني لفريق التحالف، والذي لم ينجح في إضعاف السيطرة الطالبانية على مجريات المباراة، وعين بدلا منه مدربا جديدا هو الجنرال ديفيد بترايوس ليكمل قيادة مباراة صعبة مع خصم صعب.

صحيح أن الفريق الدولي بقيادته الأميركية لم يعلن انسحابه من مباراته مع أفغانستان بسبب الأهداف الصريحة للفريق الطالباني، إلا أن مؤشرات المباراة في ظل القوة الضاربة للاعبي الهجوم في فريق طالبان قد جعلت قيادة المنتخب الدولي في أفغانستان في وضع لا تحسد عليه، فالاستمرار يعني مزيدا من ولوج الأهداف، والانسحاب يجعل للفريق الطالباني مطلق السيطرة على مجريات المباراة على الساحة الأفغانية، إذ لا يوجد في فرق كرة القدم الأفغانية فريق بالمستوى الفني والمهارات والشعبية لفريق طالبان، وهذا ما جعله يستقطب عددا من أمهر اللاعبين في الفرق الأفغانية الأخرى مثل فريق الحزب الإسلامي وفريق الاتحاد الإسلامي.

مباراة فريق طالبان مع الفريق الأميركي تشبه إلى حد بعيد مباراتي الفريقين الإنجليزي والأرجنتيني أمام الفريق الألماني، اللتين أتخم فيهما الأخير شباك خصميه برباعية مثيرة في مباراتين تعتبران الأكثر إثارة في مباريات كأس العالم الأخيرة، ومع ذلك فقد أجرى المدرب الإنجليزي وزميله الأرجنتيني بعد إمطار شباكهما بالأهداف تغييرات في التكتيك وفي اللاعبين، لكنها كانت تغييرات يائسة، خاصة أن هذه التغييرات جاء بعضها في دقائق المباراة الأخيرة، والتغييرات التي أجراها أوباما، رئيس المنتخب الدولي، في قيادة قوات الفريق الدولي العسكري في أفغانستان ليست ببعيدة في الظروف والتوقيت ومعنويات اللاعبين الدوليين في قوات التحالف، عن تغييرات مدربي الفريقين الإنجليزي والأرجنتيني بعد الرباعية الشهيرة.

وفي كرة القدم معنويات اللاعبين غاية في الأهمية لتسجيل أي انتصار، ولهذا يتحاشى المدربون ولوج أهداف مبكرة في مرماهم حفاظا على نفسيات اللاعبين، والفريق الطالباني سجل عددا من الأهداف اللولبية المبكرة والمباغتة في شباك التحالف، وهذه أضعفت معنويات لاعبي قوات التحالف خاصة مع احتقارهم للفريق الخصم، والمشكلة الأخرى التي واجهت المدرب الأميركي أن عددا من اللاعبين الأميركيين ومعهم لاعبو «التحالف» ليسوا مقتنعين أصلا بجدوى استمرار المباراة مع فريق طالبان، ويرون أنها محسومة سلفا بسبب تعقيدات جغرافية وآيديولوجية في الملعب الأفغاني، على خلاف لاعبي المنتخب الطالباني فإن لديهم معنويات عالية لأن فريق التحالف الدولي لو هزمهم فهي نتيجة طبيعية ومنطقية لقوات رهيبة تقودها أعتى أمم الأرض وأقواها، ولو أجبرهم فريق طالبان على الانسحاب فقد سجلوا إنجازا غير مسبوق بتحقيق الانتصار على تحالف دولي خطير تقوده أقوى الدول على كوكبنا.