ومن الذي لا يبكي؟!

TT

هل تبكي أحيانا؟ لا بد. أنا أبكي أحيانا كثيرة.. على أمي وعلى الكاميرات والعدسات المركبة في أجهزة هي مرصد فلكي صغير، قد بنيت غرفة فوق البيت أملا في أن أرتاد الهيئة الفلكية كل يوم. وهناك صحف ومجلات ترصدها وتنشرها لهواة التطلع إلى الفضاء. وقد أمضيت سنة واحدة سعيدا لما لدي من أجهزة متواضعة لرصد النجوم والكواكب.. وفجأة ظهرت الأضواء حول بيتنا وظهرت الأبخرة والسحب الترابية والمصانع في كل مكان.. ومعنى ذلك أن المرصد لا حياة له في هذا المكان. ولا بد أن أختار له مكانا في أعماق الصحراء. وقد رأيت السماء كيف هي في صحارى السعودية.. إنها شيء باهر يخيل إليك أنك تستطيع أن تلمس النجوم بيديك مع أنها تبعد عنا ملايين الكيلومترات. إذا كانت عندك بقية من دهشة وتعجب فانظر إلى السماء وتأمل وتعجب. تبارك الله أحسن الخالقين.

وقد جربت أن أضع التليسكوبات فوق إحدى السيارات في الصحراء. صحيح قد رأيت جانبا مما تمنيت، ولكن الصورة أمامي عجيبة اللون والحركة ولها رنين وطنين.. وهذا الرنين هو صوت الأجسام في الفضاء وهي تدور حول نفسها والشمس..

ولا بد أن أبكي على خيبة أملي وعجزي عن أن أفعل شيئا من أجل أن أرى وأتأمل وأصلي لهذه الأبهة الفلكية والعظمة الإبداعية. ولكن بأجهزتي التي كلفتني الشيء الفلاني لا أستطيع.. ولا بد أن أبكي. وبكيت وعلى استعداد أن أبكي مرة أخرى وألف مرة!

وأرجو من الله أن يهبني العمر لكي أرى الظاهرة الفلكية الفريدة نهاية هذا العام.. وقد حجزت مكانا في الطائرة وفي الفندق والباقي على الله.. الباقي هو أن أعيش حتى هذا اليوم وأن أرى ما سوف يكون تعويضا عن سنوات من القهر الفلكي؛ فلم أعد أرى الفلك!