إيراني.. مشرعة له أبواب واشنطن؟

TT

لا جدال أن قصة العالم، أو الباحث، الإيراني شهرام أميري تعد واحدة من أغرب القصص في الأزمة الإيرانية الأميركية، وبالطبع في قصص الجاسوسية. فما يرويه الإيراني أميري عن كيفية وجوده في أميركا أمر لا يمكن تصديقه، وليس منطقيا، من لحظة غيابه، وحتى عودته إلى طهران، كما أن الرواية الأميركية غير منطقية أيضا، ويصعب تصديقها.

أميري يروي قصة أشبه بالأفلام البوليسية الخيالية حول طريقة اختفائه أثناء الحج في المدينة المنورة؛ من رواية المسدس، والاختطاف، والإبرة المخدرة، وحتى الانتهاء في طائرة عسكرية متوجها لأميركا. فلم يسبق، ولم يعرف كذلك عن غياب أي شخص في السعودية، وتسجيل قضيته ضد مجهول، كما أن الرجل لم يكن مكتوبا على جواز سفره أنه عالم، أو باحث، وبالتالي يصعب تصديق اختطافه على الأراضي السعودية.

كما أن الرواية الأميركية بأنه جاء بحريته، ويغادر بحريته، أمر لا يصدق أيضا. فإذا كانت الشخصيات الاعتبارية تواجه صعوبات في إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول إلى أميركا، فكيف حصل عليها أميري بكل هذه السهولة والسرعة، وكان حرا طليقا في أميركا، وسخر له مبلغ 5 ملايين دولار، بل وذهب بحريته، إلى السفارة الباكستانية في واشنطن؟ أمر لا يصدق أيضا. لكن اللافت هو تصريح منسوب لمصدر أميركي يقول فيه «حصلنا على المعلومات، وحصلوا على أميري، فأيهما الأهم؟».

من هنا يبدو أننا إما أمام تكرار لقصة حسين كامل المجيد، صهر صدام حسين الذي خرج من العراق وقتها إلى الأردن معارضا، فلم يتحمل تبعات ما فعل، كما لم يصدقه أحد وقتها، وعاد بحجة العفو إلى العراق وتمت تصفيته بعدها، أو قد يكون أميري لم يستطع مقاومة محاولة ترهيب عائلته، كما يشاع، إلا أن المهم هنا أن ندرة المعلومات وغرابة القصة تجعلان المحلل عاجزا عن فك طلاسمها المحيرة.

ومن المهم الانتظار لنرى ما إذا كان الإيرانيون سيطلقون سراح الأميركيين الثلاثة المحتجزين منذ مدة في إيران لنعرف أننا أمام صفقة ليست بالضرورة شبيهة بصفقة الجواسيس الروس مقابل الجواسيس الأميركيين، وإنما صفقة قد تنتهي على غرار إطلاق سراح أحد المتهمين الإيرانيين قبل أشهر في فرنسا، والتي أعقبها إطلاق سراح الباحثة الفرنسية التي ألقي القبض عليها في طهران بعد اندلاع المواجهات في الشوارع الإيرانية عقب الانتخابات الرئاسية في إيران. حينها قد يسهل فك لغز الإيراني شهرام أميري.

أما اليوم، فمن الصعب تصديق الرواية الأميركية، مثل ما أنه من الصعب تصديق رواية شهرام أميري أيضا. ولكن من المهم لمن يتابع قضية شهرام أميري أن لا ينشغل بأخبار اليوم، بل باليوم التالي، بمعنى أن نراقب ما الذي سيؤول إليه مصير أميري في إيران بعد أن استقبل استقبال الأبطال في بلده، خصوصا بعد أن قال وزير الخارجية منوشهر متقي لوكالة  الانباء الفرنسية: «علينا أولا النظر إلى ما حدث خلال العامين وبعد ذلك نقرر هل هو بطل أم لا. ويجب على إيران أن تنظر فيما إذا كانت مزاعمه عن تعرضه للاختطاف صحيحة أم لا». وهذا ما يشكك أيضا في قصة اختطافه من السعودية.

[email protected]